على ما كان ، وهو يقتضي عدم كلّ دليل ترك العمل به في النص والإجماع والقياس ، فيبقى ما عدا الثلاثة على الأصل.
الثالث : وجود دليل غير الثلاثة من الأمور العظيمة الّتي تتوفر الدواعي على نقلها للعلم القطعي بأنّ ما يرجع إليه في الشرع نفيا وإثباتا في كلّ زمان من الأمور العظام ، فلو كان موجودا لاشتهر ، ولو كان كذلك لكان معروفا ، ولمّا لم يوجد بعد البحث والتأمّل علمنا عدمه.
وأمّا عدم الثلاثة فلأنّ النصّ لو وجد لعرفه المجتهدون ظاهرا ، ولو عرفوه لما حكموا بخلافه ، ولأنّا اجتهدنا في الطلب فلم نجد النص ، وهو عذر في حقّ المجتهد إجماعا ، فيكون عذرا في حقّ المناظر ، إذ لا معنى للمناظرة إلّا بيان ما لأجله قال بالحكم.
والإجماع منفي ، لأنّ المسألة خلافية ، ولا إجماع مع الخلاف.
والقياس لا بدّ له من أصل هو الصورة الفلانية وفارق كذا موجود ، ومعه لا يمكن القياس. أقصى ما في الباب أن يقال : يجوز القياس على أخرى. فنقول : لأنّا بعد الطلب لم نجد شيئا يمكن القياس عليه ، إلّا هذه الصورة ، وهو عذر للمجتهد ، فكذا للمناظر. ولأنّ عدم سائر الأصول سابق ، فيجب الاستمرار عملا بالاستصحاب. وهذه الدلالة إنّما تتم بمقدّمتين :
إحداهما : أنّ عدم الوجدان بعد الطلب يدلّ على عدم الوجود.
وثانيهما : أنّ الأمر الفلاني كان معدوما ، فيحصل ظن البقاء على العدم.
ولو صحّت هاتان المقدّمتان اشتغلنا بالمطلوب ، فإنّه يقال : في أوّل