لا يقال : إنّما تعرّضت لنفي قياس معيّن ، لأنّ المخالف يعتقده قياسا ودليلا ، وليس في النصوص ما يعتقده دليلا.
لأنّا نقول : المخالف كما يعتقد في بعض الأقيسة كونه حجة ، كذا يعتقد في بعض النصوص كونه حجّة له ، فكان يجب التعرض للأمرين.
الرابع : لم قلت : يتعذّر القياس مع وجود الفرق ، فإنّ الفرق إنّما ينقدح لو لم يجز تعليل الحكم الواحد بعلّتين ؛ أمّا مع جوازه فلا ، لاحتمال كون الحكم في الأصل معلّلا بالوصف المشترك وبالقاصر معا.
الخامس : يرد سؤال القلب هنا في هذا النظم ، فإنّ المستدلّ لو قال : لم يوجد نص ولا إجماع ولا قياس على صحّة بيع الغائب ، فوجب انتفاء صحّته.
قيل له : وتحريم أخذ المبيع من البائع بعد العقد على المشتري ، أو تحريم أخذ الثمن من المشتري على البائع حكم شرعي ، لا يثبت إلّا بنصّ أو إجماع أو قياس ، ولم يوجد فلا يثبت.
والجواب (١) عن الأوّل. هذه الدلالة إنّما تتمّ مع التمسّك بأنّ الأصل في كلّ ثابت بقاؤه على ما كان ، وأنّه لا يجوز العدول عنها إلّا بدليل يوجب العدول ، وذلك الدليل أحد الثلاثة.
وحينئذ يسقط السؤال ، لأنّا نقول في مسألة بيع الغائب المبيع قبل
__________________
(١) ذكر الرازي الأجوبة في المحصول : ٢ / ٥٨٦ ـ ٥٨٩.