كتاب الله وسنّة رسوله ، فيلحق النظير بنظيره ، وما تنازعته الأشباه يلحق بأقربها شبها ، ولا يتحقّق ذلك إلّا في الاشتراك بالعلّة فيؤول الأمر إلى الأمر بالقياس. (١)
ولا يخفى أنّ القوم كلّهم قد ضربوا بسهم واحد بمعنى انّهم عبّروا عن حقيقة واحدة بألفاظ متقاربة.
والّذي يجب علينا هو تحديد معنى «الرد إلى الله ورسوله» ، ليتبين أنّ العمل بالقياس ردّ إلى الله ورسوله ، أو هو عمل بالظن بأنّه حكم الله.
أقول : إنّ الرد إلى الله سبحانه ورسوله يتحقّق إمّا بالرجوع إليهم وسؤالهم عن حكم الواقعة ، قال سبحانه : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).(٢)
أو إرجاعها إلى الضابطة الكلّية الّتي ذكرها الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فمثلا إذا شككنا في لزوم شرط ذكره المتعاقدون في العقد وعدمه ، فنرجع إلى الضابطة الّتي ذكرها الرسول في باب الشروط وقال : «إنّ المسلمين عند شروطهم ، إلّا شرطا حرّم حلالا أو أحلّ حراما».
قال القرطبي في تفسير قوله : (فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ) أي ردّوا ذلك الحكم إلى كتاب الله ، أو إلى رسوله بالسؤال في حياته ، أو بالنظر إلى سنّته بعد وفاته. وهذا قول مجاهد والأعمش وقتادة وهو الصحيح ـ إلى أن
__________________
(١) أصول الفقه الإسلامي : ٢٠٠ ؛ ولاحظ أصول السرخسي : ٢ / ١٢٩ وغيره.
(٢) الأنبياء : ٧.