الله في خلقه أنّ ما جرى على الشيء يجري على نظيره وأنّ المسببات مرتبطة بأسبابها ، فإذا وجد السبب وجد المسبب ، وما القياس إلّا إلحاق النظير بنظيره في إعطائه حكمه وربط للحكم بعلته يوجد معهما حيثما وجدت ، فتكون الآية أمرا بأمر عام يشمل القياس وغيره ، والأمر يفيد المشروعية بصرف النظر عن كونه للوجوب أو الندب. (١)
وقال عبد الوهاب خلّاف : وهذا يدلّ على أنّ سنّة الله في كونه ، أنّ نعمه ونقمه وجميع أحكامه هي نتائج لمقدّمات أنتجتها ، ومسببات لأسباب ترتّبت عليها ، وأنّه حيث وجدت المقدّمات نتجت عنها نتائجها ، وحيث وجدت الأسباب ترتّبت عليها مسبباتها ، وما القياس إلّا سير على هذه السنن الإلهي ، وترتيب المسبب على سببه في أيّ محل وجد فيه. (٢)
يلاحظ عليه : أوّلا : إنّ المثبت والنافي ركّزا على تفسير قوله سبحانه : (فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ) فالمثبت يقول : إنّ لفظ الاعتبار من العبرة ، وهو العبور من شيء إلى شيء ، فيدلّ على أنّ من وظائف الإنسان هو العبور من شيء إلى مشابهه. فالقياس من تلك المقولة ، أي عبور من الأصل إلى الفرع.
ولكن نفاة القياس يركّزون على أنّ المراد هو الاتّعاظ ، أي فاتّعظوا بقصة بني النضير ، وأين هو من القياس؟!
__________________
(١) أصول الفقه الإسلامي : ١٩٩.
(٢) علم أصول الفقه : ٦٢.