تلقّته بالقبول». ولكن خفي عليه أنّ الاستدلال به على القياس جعله مشهورا ، وتصوّر أنّ الأمّة تلقّته بالقبول ، حتّى أنّ الجوزجاني قد أورده في «الموضوعات» وقال : هذا حديث باطل ، رواه جماعة عن شعبة ، وقد تصفّحت هذا الحديث في أسانيد الكبار والصغار ، وسألت من لقيته من أهل العلم بالنقل عنه ، فلم أجد له طريقا غير هذا ... إلى أن قال : فإن قيل : إنّ الفقهاء قاطبة أوردوه واعتمدوا عليه. قيل : هذا طريقه والخلف قلّد السلف. (١)
وأمّا الدلالة ـ إذا افترضنا صحّة الحديث ـ فيلاحظ عليها أنّها مبنيّة على مساواة الاجتهاد بالقياس أو شموله له ، وكلا الأمرين ممنوعان ، بل الظاهر أنّ المراد من الاجتهاد هو الاجتهاد في كتاب الله وسنّة رسوله حتّى يتوصّل إلى حكم الله عن طريقهما.
فإن قلت : لا يصحّ تفسير الاجتهاد في الحديث ، بالاجتهاد في كتاب الله وسنّة رسوله ، لأنّ الفقيه إنّما ينتهي إلى الاجتهاد بعد ما لم يجد حكم الموضوع في كتاب الله وسنّة رسوله ، وعندئذ لا معنى أن يفسّر قوله : «اجتهد رأيي» أي اجتهد في كتاب الله وسنّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
قلت : الأحكام الواردة في القرآن والسنّة على قسمين :
قسم موجود في ظواهر الكتاب والسنّة ولا يحتاج في الوقوف عليه إلى بذل الجهد ، بل يعرفه كلّ من يعرف اللغة.
__________________
(١) عون المعبود شرح سنن أبي داود : ٩ / ٥١٠.