وقسم منه غير موجود في ظواهر الكتاب والسنّة لكن يمكن التوصّل إليها عن طريقهما بالتدبّر فيهما ، وهذا هو الاجتهاد الدارج بين العلماء. فأين هذا من القياس الّذي ورد فيه النصّ على حكم الأصل دون الفرع؟!
قال المرتضى : لا ينكر أن يكون معنى قوله : «أجتهد رأيي» أي أجتهد حتّى أجد حكم الله تعالى في الحادثة ، من الكتاب والسنّة ، إذ كان في أحكام الله فيهما ما لا يتوصّل إليه إلّا بالاجتهاد ، ولا يوجد في ظواهر النصوص فادّعاؤهم أنّ إلحاق الفروع بالأصول في الحكم لعلّة يستخرجها القياس ، هو الاجتهاد الّذي عناه في الخبر ، ممّا لا دليل عليه ولا سبيل إلى تصحيحه. (١)
والحاصل : أنّ الاستدلال بالحديث مبني على اختصاص الاجتهاد بالقياس أو شموله له وهو موضع شكّ ، بل القدر المتيقّن من الحديث هو الاجتهاد المألوف في عصر النبي ، وهو بذل الجهد في فهم الكتاب والسنّة وما عليه المسلمون.
وثانيا : كان مصب القضاء غالبا هو الشبهات الموضوعية دون الحكمية ، ويمكن فصل الخصومة فيها بقاعدة العدل والإنصاف ، أو بما هو المعروف بين العرف والعقلاء ، ممّا يرضى به المتخاصمان ، وأين هو من القياس في الأحكام الشرعية؟!
وثالثا : أنّ تجويز القياس في القضاء لا يكون دليلا على تجويزه في
__________________
(١) الذريعة : ٢ / ٧٧٦.