ولكن المقام يفقد هذا الشرط ، فإنّ الأصل والفرع على صعيد واحد ، ومنضويان تحت ضابطة واحدة ، وهي وجوب قضاء الدين.
فإنّ اسم الدين يقع على الحجّ كوقوعه على المال ، وإذا كان كذلك دخل في قوله تعالى : (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِها أَوْ دَيْنٍ)(١). ومع التنبيه على العلّة قد أثبت الحكم في الفرع والأصل معا ، وما هذا حاله لا يدخل في القياس. (٢)
وإن شئت قلت : إنّ المخاطب كان يحضره حكم أحد الموردين دون الآخر ، فأرشده النبي إلى ما كان يحضره من قضاء دين الناس ، حتّى ينتقل إلى حكم ما لا يحضره ، بحجة أنّ الموردين من أقسام الضابطة الكلية ، أعني : وجوب أداء الحق ممّن عليه ، إلى من له ، من غير فرق بين كونه من حقوق الله أو حقوق الناس.
إنّ ما ورد في هذه الأحاديث ليس من القياس في شيء ، بل من قبيل تطبيق الكبرى على الصغرى. فالكبرى ـ وهي مطوية ـ «كلّ دين يقضى» هي في واقعها أعمّ من ديون الله وديون الآدميين ، وقد طبقها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على دين الله لأبيه ، فحكم بلزوم القضاء ، وأين هذا من القياس المصطلح؟ (٣)
إنّ المقام أشبه بما يقال : إنّ من شرائط الاستدلال بالقياس أن لا
__________________
(١) النساء : ١١.
(٢) انظر عدّة الأصول : ٢ / ٧١٨.
(٣) الأصول العامّة للفقه المقارن : ٣٢٩.