غير حفظ الواقع فلو دلّ دليل عليه فيمكن أن يكون ملاك الأمر المولوي فيه وأمر به أيضا ، فلا بدّ هنا من مفروضية جهتين : الاولى كون الملاك فيه ، والثانية الأمر به.
أمّا الملاك في الاحتياط مع قطع النظر عن ملاك حفظ الواقع فيمكن أن يقال : إنّ الاحتياط في المشتبهات يوجب حصول ملكة في الشخص بحيث يجتنب عن المحرمات ، ويحصل له ملكة الورع والتقوى ، ولا إشكال في أنّ الاحتياط يوجب حصول تلك الملكة ، فيكون فيه ملاك الأمر المولوي ، ولكنّ صرف الملاك ليس كاف في كونه مستحبا شرعا ، بل لا بدّ من الأمر.
فنقول : إنّ الأخبار الدالّة على الاحتياط وإن كان بعضها دالّا على ما حكم به العقل لحفظ الواقع إلّا أنّه في أخباره ما يدلّ على ذلك ، يعني على الأمر به لحصول تلك الملكة ، مثل ما يدلّ على أنّ أولى الورع الورع في المشتبهات ، أو غير ذلك من العبارات ، فعلى هذا لا بأس بأنّ يقال : إنّ الاحتياط مع قطع النظر عن حسنه العقلي يكون مأمورا به بأمر مولوي ، فافهم.
التنبيه الرابع : لا إشكال في أنّ جريان البراءة يصحّ في كلّ مورد لا يكون دليل حاكم أو وارد عليها في المورد ، سواء كان الحاكم من الأمارات أو الاصول ، وإلّا لو كان في موردها الحاكم أو الوارد لا تجري البراءة بلا إشكال ، فعلى هذا لو كان في مورد استصحاب الحرمة أو النجاسة فلا تجري البراءة ، ومن هذا القبيل هو الشك في التذكية وعدمها.
ولا يخفى عليك أنّ الأصل الجاري في الحيوان المشكوك تذكيته يكون مختلفا ، فتارة يكون الشكّ في الحيوان في كونه من الحيوانات مأكول اللحم وعدمه ، ففي هذا الشكّ تجري البراءة ، ويحكم بحلّية لحمه لو لم يكن له مانع آخر.
وتارة يكون الشكّ في أنّ هذا الحيوان هل يكون قابلا للتذكية ، أو لا؟ ففي