الكشف كما قلنا بذلك في الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري فنقول كما قلنا به : يكون بيان تتميم الكشف على نحوين بعد فرض أنّه على ذلك لا يكون مؤدى الأمارات والاصول حكما أصلا.
الأول : أنّ العقلاء لم يعتنوا باحتمال الخلاف لضعفه ويعملون بالأمارة ، والشارع أيضا لم يردع عن تلك الطريقة ، بل كما قلنا في توجيه الآية الشريفة : إنّ الشارع أمضى بناء العقلاء.
الثاني : أنّ عمل العقلاء بعد قيام الأمارة ولو كان احتمال خلافه قويا ولا يكون ضعيفا إلّا أنّه لأجل بعض المصالح أو المفاسد يلقون الاحتمال ، ومع ذلك يعملون بالأمارة ، والشارع أيضا لم يردع عن هذه الطريقة ، وتوجد نظائر القسم الثاني في الشرع أيضا ، مثل قاعدة الفراغ وقاعدة التجاوز ، ففي مورد قاعدة الفراغ يتّفق في بعض الأوقات أنّ احتمال الخلاف لا يكون ضعيفا بمثابة يكون مورد عدم اعتناء العقلاء ، بل لأجل بعض المصالح أو دفع بعض المفاسد أمر الشارع باتّباع هذه القاعدة ، وعلى كلّ حال لو كانت الأمارة بالنحو الأول من تقريب تتميم الكشف فحيث لا يكون في موردها حكم أصلا لا يلزم أن يكون فيه أثر ، لأن لزوم الأثر يكون في التعبد والتنزيل ، وأمّا على هذا لا يكون تعبد ولا تنزيل ، بل يكون حال الأمارة على ذلك حال القطع ، فكما أنّ القطع بشيء لا يلزم أن يكون فيه أثر فكذلك على هذا المعنى في الأمارة ، بل لو أخبر بقيام زيد ولم يكن فيه أثر شرعي يكون حجّة ، فافهم.
وأمّا على النحو الثاني من تتميم الكشف فعلى هذا وإن كان لا بدّ فيه من الأثر لأنّ فيه تعبدا للعقلاء ولكن لا يلزم أن يكون في الخبر أثر شرعي بلا واسطة ، بل لو كان مع الواسطة تكون حجة ، فعلى هذا لا يلزم في النحو الأول أن يكون أثر أصلا ، وفي الثاني وإن كان يلزم إلّا أنّه يكفي الأثر ولو مع وسائط كثيرة ، فافهم.