العسر والحرج في بعض الموارد لا بدّ من الاكتفاء في المورد ، ولا يمكن التعدي والقول بالإجزاء مطلقا ؛ لأنّ دليل العسر والحرج موجب لرفع ما يوجب منه العسر والحرج ، فكل مورد يكون فيه العسر والحرج نلتزم بالإجزاء ، فافهم.
المقصد الخامس
الكلام في التقليد
قد عرّفوا التقليد بتعاريف ، فقيل : هو الأخذ بقول الغير ، وقيل : هو نفس العمل وغير ذلك ، وترى أنّ المحقّق الخراساني رحمهالله قال بأنّ التقليد لا يمكن أن يكون نفس العمل ، بل لا بدّ وأن يكون العمل مستندا به ، ولكن لا يخفى عليك أنّه ليس في آية ورواية لفظ «التقليد» ، وما ورد من الأخبار لا يدلّ على كونه موضوع حكم مطلقا ، بل ما يكون في البين هو أنّ بعض الأحكام يكون موضوعه التقليد ، وليس موضوع كلّ حكم كموضوع الحكم الآخر ، بل يكون مختلفا ، فلا بد من حساب هذه الأحكام حتى يثبت أنّ ما هو موضوعه والأحكام عرضت لأيّ موضوع؟
فنقول بعونه تعالى : إنّ من الأحكام هو أن الشخص لا بدّ وأن يكون إمّا مجتهدا ، أو محتاطا ، أو مقلّدا ، فلا بدّ من أن تكون أعماله ناشئة إمّا عن اجتهاد نفسه ، أو الاحتياط ، أو تقليد غيره ، فهذا الحكم التخييري مقتضاه كون العمل ناشئا عن تقليد الغير ، فلا بدّ وأن يكون في هذا الحكم التقليد عن الأخذ بالعمل ، وليس نفس العمل ؛ لما قلنا من أنّ الحكم هو كون عمله ناشئا عن التقليد ، فلا بد أن يكون للعمل منشأ ، ومن أحكامه جواز الرجوع من مجتهد الى مجتهد آخر ، ففي هذا الحكم وهو التقليد الذي هو موضوع هذا الحكم عبارة عن العمل ، فلو عمل بالمسائل على طبق رأي المجتهد لا يجوز له العدول ، وإلّا يجوز ، وكذا في حكم البقاء ، فلو عمل يجوز البقاء ، وإلّا فلا. فظهر لك أنّه لا يمكن أن يعرّف للتقليد تعريفا ثم يجعله ميزانا في كلّ