خبر الوليد عن ارتداد القوم ، وهو من الموضوعات ، والحال أنّه يعتبر في الموضوعات أخبار العدلين لا عدل واحد.
وفيه : أمّا أولا فلأنّ ما يثبت من الآية هو أنّه لا يجوز العمل بخبر الفاسق ، ومفهومه هو العمل بخبر العادل ، وأنّه لا يكون العادل كالفاسق ، ولا ينافي ذلك أنّ بمقتضى دليل آخر اعتبر الشارع في الموضوعات أخبار العدلين فاذا أخبر العدلان يكون كلّ منهما منشأ لتصديق المخبر به ، لا واحدا منهما ، وأمّا في خبر الفاسق لو أخبر آخر أيضا لا يجوز الاستناد عليهما في الموضوعات ، ولو كان الثاني عادلا لعدم المقتضي في خبر الفاسق للحجّية فهذا شاهد على أنّ العادل لا يجوز ردّ قوله ولو كان تصديق قوله مشروطا بشرط آخر في بعض الموارد ، فعلى هذا لا يلزم خروج المورد.
وثانيا : أنّ هذا يكون في المفهوم ، بمعنى أنّ المورد يستفاد من المنطوق ، وأنّه يجب التبيّن في خبر الفاسق ، ولا يكون قوله حجة لا في الأحكام ولا في الموضوعات كما يكون في مورد الآية ، وأمّا من المفهوم لا يستفاد إلّا عدم وجوب التبين والقبول ولو كان مشروطا بشرط آخر ، فعلى هذا لا يلزم خروج المورد بدخوله في المنطوق ، فلا يكون هذا منافيا لكون المفهوم مقيدا بقيد آخر بدليل آخر ، فتدبّر.
ومن الآيات التي استدلّوا بها على حجّية خبر العادل قوله تعالى في سورة البراءة : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ.)
اعلم : أنّ كلّ من كان بصدد الاستدلال بهذه الآية مع اختلافهم في وجه الاستدلال يكون غرضه إثبات وجوب التحذّر عند الإنذار ، ولا بدّ للمستدلّ من إثبات أمرين : الأول وجوب الإنذار ، والثاني وجوب الحذر مطلقا ولو مع عدم إفادة الإنذار للعلم كي يحذر عن علم. وما يقال في توجيه الاستدلال وجوه :