الموضوع إلّا أنّه لا يكون مثل سائر القضايا الشرطية التي تكون في مقام بيان تحقّق الموضوع ، وهذا التوجيه لم يكن ببعيد ، فافهم.
وقد ذكر توجيهات أخر في الآية لاستفادة حجية الخبر ، اذا عرفت ذلك كلّه وأنّه يرد على هذه التوجيهات بعض الإيرادات ولكن نقول : بأنّه مع ذلك استفادة حكم حجية الخبر من الآية لا يكون محلّ إشكال.
فنقول بعون الله تعالى : إنّه وردت الآية الشريفة فيما أخبر الوليد وأخذ بعض الصحابة بقوله ، فنزلت هذه الآية ، وخصوصية المورد تشهد على كون خبر العادل حجّة ، لأنّه بعد ما كانت الجهالة في الآية حيث قال عزّ من قال : (أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ) المراد منها هي السفاهة ، فيكون المعنى هو : أنّه إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بسفاهة ، ولا إشكال في أنّ المسلمين الذين أخبرهم الوليد كانوا هم من العقلاء ولا يصدر منهم العمل السّفهي ، فلا بد من أن نقول : إنّه حيث تكون السيرة عندهم بما هم عقلاء العمل بخبر الثقة فيكون عملهم بخبر الوليد أيضا من باب تخيّلهم بأنّ الوليد يكون ثقة ، فالله تعالى بيّن في هذه الآية أنّه (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ) وهذا إمضاء من الله لما هو سيرتهم من العمل بخبر الثقة ، وخبر الوليد لا يجوز العمل به لكونه فاسقا وغير موثق فيكشف إمضاء الله تعالى ، وأنّ سيرتهم على العمل بخبر الثقة وإمضاء الله تعالى لهم والإخبار عن فسق الوليد وأنّه تبينوا لئلا تصيبوا القوم بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين لأجل وقوعكم في خلاف الواقع ، ولا إشكال في أنّ التعليل لا يكون تعبديا ، بل يكون أمرا عقلانيا ، حيث إنّ العمل بخبر الفاسق موجب للوقوع في الندم ، وهو مسلّم عند المسلمين ، لكن لا يعلمون بكون الوليد فاسقا ، وإلّا لا يعملون بخبره.
وإن قلت : إنّ في خبر العادل أيضا يكون الوقوع في الندم.
نقول : إنّ الله تعالى في هذه الآية بيّن أنّ الندم يكون في خبر الفاسق فقط ، ولا يكون في خبر العادل إصابة القوم بالسفاهة ، ولا وقوع الندم ، فعلى هذا بما بيّنا يظهر