وقال ثانيا وهو جواب متين : بأنّ الموضوع لو كان هذا وكان موضوع حكم الشريعة السابقة زيدا وعمرا كذلك فيكون المجال لأن يقال بأن الحكم ثابت لزيد وعمرو فلا وجه له. وبعبارة اخرى : لو كان الحكم موضوعه هو الفرد فللإشكال هنا مجال ، وأمّا لو كان الموضوع هو الطبيعة بأن يكون موضوع حكم الشريعة السابقة هو البالغ العاقل فكلّ من يبلغ بهذه المرتبة ينطبق عليه فلا إشكال في الاستصحاب ، إذ يكون هذا الحكم على هذا الموضوع متيقّنا وبعد شرعه يقع الشك ، فيستصحب هذا الحكم على هذا الموضوع ، وبعد إبقائه يكون هذا البالغ الغير مدرك للشريعة السابقة أيضا فردا له على هذا التقريب فيرتفع الاشكال.
ولا وجه لما قاله المحقّق الخراساني رحمهالله إشكالا على الشيخ رحمهالله ، حيث إنّ الحكم تارة تكون متعلقا على الأفراد ، واخرى تكون على الطبيعة ، والحكم على الطبيعة أيضا يكون بلحاظ الوجود ، لا الطبيعة من حيث هي وبوجودها الذهني ، فعلى هذا ولو كان موضوع الحكم هو الطبيعة ولكن بلحاظ وجوده في الخارج ، ومراد الشيخ رحمهالله هو هذا ، وليس مراده أنّ موضوع الحكم هو الطبيعة من حيث هي هي حتى يرد عليه إيراد المحقّق الخراساني رحمهالله.
وأمّا الجواب عن الإشكال الثاني فهو : أنّ العلم الإجمالي لو صار منحلّا لم يكن له الأثر ، كما أنّه لو علم بكون أحد الإناءين نجسا ثم علم تفصيلا بكون النجس في هذا الإناء كذلك لو صار منطبقا على بعض الأطراف لا أثر له ، وفي المقام لو علمنا بعد العلم الإجمالي بالنسخ بالمقدار المعلوم بأحكام منسوخة فقهرا يتنجّز العلم الإجمالي بهذا الطرف ، ويكون في البعض الآخر الشّك البدوي ، ولو كان الأمر كذلك فلا أثر للعلم الإجمالي الذي كان بالنسخ.