الاستصحاب في أحكام الشرائع السابقة أولا ، وعدم الأثر لحجية هذا الاستصحاب ثانيا ، فتدبر.
ولو قطع النظر عن هذا الإشكال الذي بيّنّاه فلا مجال للإشكال في استصحاب أحكام الشرائع السابقة.
وأمّا ما أورده من الإشكالين فلا يردان هنا ، وهما :
الأول : إشكال تبدّل الموضوع ، لأنّ موضوع حكم الشريعة السابقة هو المكلّف المدرك للشريعة السابقة ، ولا يكفي استصحاب هذا الحكم لمكلّف آخر غير المدرك للشريعة السابقة ، ويشترط في الاستصحاب بقاء الموضوع.
الثاني : العلم الإجمالي بوقوع النسخ في أحكام الشريعة السابقة ، وبعد العلم الإجمالي بانتقاض الحالة السابقة في بعض الأحكام لا يجري الاستصحاب في كلّ الأحكام.
وقد أجاب الشيخ رحمهالله عن الإشكال الأول بأنّه :
أولا : نفرض الاستصحاب فيمن أدرك الشريعتين ، كبعض الصحابة في صدر الإسلام ونقول بحجّيته لغيرهم إمّا بالاشتراك في التكليف وإمّا بعدم القول بالفصل.
ولا يخفى أنّ هذا الكلام بعيد من الشيخ رحمهالله ، حيث إنّ الأحكام الظاهرية حجة لخصوص من صار موضوعا له ، فمثلا أصل البراءة حجة لمن كان شاكّا في التكليف ، وأمّا من لم يكن كذلك فليس حجة له ، وكذلك الاستصحاب حجة لمن كان متيقنا وشك بعده ، لا لغيره ، فعلى هذا من كان مدركا للشريعتين حيث كان له اليقين سابقا فشك في الآن الثاني يكون الاستصحاب حجة له ، وأما من لم يكن كذلك فليس له بحجة ، ولا مجال هنا للاشتراك في التكليف ؛ لأنّه لا بدّ في ذلك من الاتحاد في جميع الجهات ، وليس في المقام هذا الاتحاد ، فافهم.