إتيانه ، وتجري أصالة البراءة ، فزيد المشكوك عالميّته ـ مثلا ـ لا يجب إكرامه للبراءة ، نعم ، لو لم يكن التكليف انحلاليا لا تجري البراءة ، كما قلنا في الصورة الاولى ، وهذا ممّا لا إشكال فيه.
إنّما الكلام في أنّه مع أنّ المشهور ملتزمون بالبراءة في الشبهة الموضوعية الوجوبية فقد أفتوا بأنّ من علم بفوات صلوات منه ولكن لا يدري بمقدارها ويعلم بمقدار ، مثلا يدري بفوت مائة صلاة منه وكان شكّه في أزيد من ذلك وجب عليه الإتيان بمقدار يظنّ أنّه إتيان لما فات منه ، وكفاية الظنّ أيضا يكون لأجل العسر والحرج لو وجب العلم بقضاء ما فات منه ، وإلّا لا بدّ له من العلم متمسّكا في هذه الفتوى بدليل وجوب القضاء ، والحال أنّه لا إشكال بأنّ المسألة من الشبهات الموضوعية الوجوبية ، ويكون مقتضى القاعدة هو إتيان المقدار المعلوم فوته وعدم لزوم إتيان المقدار الزائد للبراءة ، ولم يفتوا بذلك إلّا في الصلاة.
والحال أنّ في خصوص الصلاة مع قطع النظر عن البراءة يكفي ما ورد من الأخبار بأنّه اذا خرج الوقت وشكّ في أنّه أتى بالصلاة في وقتها أم لا؟ لا يجب عليه الإتيان.
وللوحيد البهبهاني رحمهالله توجيه لتصحيح كلام المشهور ، وحاصله هو : أنّ الشخص تارة لا يحصل له العلم حين فوت الصلاة ، بمعنى أنّه على تقدير الفوت لم يكن عالما بالتكليف ، كما لو كان نائما ثمّ استيقظ فشكّ بأنّ زمان نومه كان يومين ـ مثلا ـ أو ثلاثة أيام ، ففي هذا الفرض لا يحصل للمكلف على تقدير الفوت علم بالتكليف بالصلاة حين فوتها ، والحال أنّه شاكّ في مقدار ما فات منه ، فبمقدار المتيقّن يجب القضاء ، وفيما زاد تجري البراءة ، مثل أن يجب عليه قضاء صلوات يومين ، وأمّا أزيد من يومين فلا ، لأنّ الزائد مشكوك فيكون مجرى البراءة.
وتارة لا يكون كذلك ، بل يدري بأنّه لو فات منه الصلاة حصل له العلم بالتكليف بالصلاة. وبعبارة اخرى : على تقدير الفوت يحصل له العلم بالتكليف ،