المقام الخامس
من المقامات التي يبحث عنها في المقصد الأول هو : أنّه يظهر من كلمات بعض الأخباريين على اختلاف كلماتهم عدم اعتبار القطع اذا حصل من غير المقدّمات الشرعية والسماع من المعصوم ، بل كان حاصلا من المقدمات العقلية.
فلا بدّ أولا من فهم أن ما ادّعوه يكون أمرا معقولا أم لا؟ وبعد فرض المعقولية هل يكون لهم دليل على كون اعتبار القطع في خصوص ما حصل من غير المقدّمات العقلية أم لا؟
فنقول بعونه تعالى : إنّه لو كان مرادهم عدم اعتبار العقل وعدم كونه مرجعا حتى في اصول الدين فلازمه هو عدم حجّية القطع الحاصل من المقدمات العقلية ، بل يقولون بأخذ ذلك كله من الشرع ، فهذا واضح الفساد ، إذ أصل إثبات الشرع واثبات المبدأ والنبوة ثبت من باب حكم العقل ، فلو لم يكن العقل حجّة فكيف يثبت أصل الشرائع والأديان؟ فإنّ ذلك ثبت بالعقل ، وهو حجّة باطنية ، وكيف يمكن عزل العقل مطلقا؟
فإن كان مرادهم هذا فهو أمر غير معقول ، ولا يمكن إثبات الصانع بقول النبي أو المعصوم ، بل العقل حاكم بذلك.