كان التخصيص من الأول فلا مانع من التمسّك بعده بالعام ، مثل (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) فإنّه ولو خصّص بخيار المجلس ولكن حيث إنّ التخصيص به من أول الأمر لا من الوسط والآخر فلا مانع بعد ذلك من التمسّك بالعام.
وفيه : أنّه لا بدّ وأن يفرض الكلام فيما لم تكن القرينة على كون اللسان هو التقييد ، فإنّ خيار المجلس يكون تقييدا للعموم فلا يقاس به غيره ، فعلى هذا نقول بأنّه لو فرض أنّ التخصيص لو كان من الأول لا ينافي ظهور العام والتمسك بأصالة العموم ، فعلى هذا لو كان من الأول تخصيصه بفرد الوسط أو الآخر أيضا لا ينافي انعقاد الظهور ؛ لأنّ التخصيص يكون من الأول ، فهذا الكلام ليس في محلّه.
نعم ، لو كان فرد من الأول لم يكن فردا للعام ثم بعد ذلك صار فردا فعدم شمول العام له من الاول لا ينافي التمسّك بأصالة العموم.
وأيضا كما قلنا لو كان لسان الدليل هو تقييد الفرد ، بمعنى أنّ صيرورته فردا مقيّد بزمان ثان ، كما أن في خيار المجلس ـ مثلا ـ يكون البيع فردا بعد انقضاء المجلس ففرديته مقيّدة بانقضائه ، ففي هذه الصورة أيضا يمكن التمسّك بأصالة العموم.
ثمّ إنّه بعد ما قلنا لو تدبّرت في كلام الشيخ رحمهالله يظهر لك الصحة وفساد ما استشكله السيد رحمهالله في حاشيته على المكاسب على الشيخ رحمهالله ؛ لأنّه بعد كون نظر الشيخ رحمهالله على ما يظهر من كلماته في خيار غبن المكاسب وفي الرسائل الى أنّ الزمان تارة يكون فردا للعام فيكون كلّ آن آن فردا للعام ، ويكون أخذ العموم على نحو المفردية ، فلو خرج فرد لا مانع من التمسّك بأصالة العموم فيما بقي من الأفراد.
وتارة يكون الفرد العام أمرا آخر ، مثلا لو قال : «أكرم الشعراء دائما» ففي هذا المثال يكون الفرد العام هو الشعراء ، والزمان تابع للفرد ، وليس هو بنفسه فردا للعموم ، فحيث إنّ الزمان ليس فردا فلو خرج زمان لا يمكن التمسّك في زمان