نعم ، في مرتبة من الاطمئنان وهي المرتبة النازلة من العلم التي يعمل العقلاء به لا لأجل ضعف احتماله ، بل لأجل عدم رؤية الاحتمال ، مثل أنّك ترى أنّه في الاطمئنان يكون احتمال الخلاف ، غاية الأمر في بعض مراتبه يكون عمل العقلاء به لضعف احتماله فيرون فيه الاحتمال ، ولكن لا يكون مورد اعتنائهم ، وتارة يكون الاحتمال بحيث لا يرونه فعملهم في تلك المرتبة من الاطمئنان يكون لعدم رؤيتهم الاحتمال أصلا ، ففي هذه المرتبة من الاطمئنان ـ أعني المرتبة التي لا يرى العقلاء فيها احتمال الخلاف ـ فحيث إنّ العقلاء لا يكون بنظرهم فرق بين العلم وهذه المرتبة من الاطمئنان ، بل يكون كالعلم بنظرهم فعلى هذا بعد قول الشارع مثلا : اتّبعوا العلم أو لا تتّبعوا الظنّ يفهم العقلاء دخول الاطمئنان تحت حكم اتّباع العلم وخروجه عن تحت حكم حرمة اتّباع الظنّ ، لما قلنا من كون تلك المرتبة من الاطمئنان بنظرهم كالعلم ، فلا بدّ للشارع من أن يردعهم عن العمل به لو لم يكن ممضى عنده ، وأنّه ولو قلنا بثبوت الإمضاء في طريق الأحكام إلّا أنه في تلك المرتبة من الاطمئنان حيث يحسبونه كالعلم وينزلونه منزلة العلم فلو كان عند الشارع غير متبع يجب الردع ، فمن عدم الردع في هذا المقام أيضا يكشف الامضاء نظير الإطلاق المقامي ، لأنّ المقام مقام لا بدّ من الردع فيه لو كان بنظر الشارع غير متّبع ، فمن عدم الردع نكشف الإمضاء ، فافهم.
ومن هنا يظهر لك ما في كلام النائيني رحمهالله على ما حكي في تقريراته من أنّه يكفي عدم الردع في خبر الواحد لكونه مفيدا للعلم ، فما لم يردع عنه الشارع يكون حجة ، لما قلنا في مرتبة من الاطمئنان.
وفيه : أنّه لا يكون قول المخبر الواحد مفيدا للعلم ، ولا يكون الكلام فيما يفيد العلم ، بل يكون خبر الواحد ظنّا بين الظنون ، فما قاله ليس في محلّه ، فتدبر.
ثمّ إنّه لو كشفنا الإمضاء عن الأدلة المتمسك بها على حجّية الخبر ، أو نكشف