فعلا ، ولكنّ كلامه في التنبيه الثاني فاسد ، كما سنذكره إن شاء الله تعالى.
ولا يخفى عليك أنّه لو قلنا بحجية الاستصحاب من باب بناء العقلاء فيدور الأمر مدار ما يكون بناؤهم عليه ، والعقلاء لو كان بناؤهم على العمل ولو مع عدم الشك الفعلي فهو ، وإلّا لا بدّ من الشك الفعلي.
وإن قلنا بحجية الاستصحاب من باب الأخبار على مذهب المحقّق الخراساني رحمهالله التي فيها لفظ «النقض» يكون إسناد النقض فيها لأجل استحكام اليقين فلا بدّ أن يكون يقين فعلا ، فكما لا بدّ من فعلية يقين مستحكم كذلك لا بدّ من الشك الفعلي الذي فيه الرخوة حتى لا يصحّ نقض المحكم بالشك الذي فيه الرخوة ، فكما أنّ اليقين يكون فعليا فكذلك الشك.
وأمّا بعض الأخبار التي ليس فيها لفظ «النقض» مثل «كلّ شيء لك حلال» بناء على كونه دليلا للاستصحاب فحيث إنّ من الغاية يستفاد الحكم الظاهري ـ أعني الاستصحاب ـ فهو حكم لحال الشك ، ولا بدّ أن يكون الشخص شاكّا ، وإلّا فمع عدم الشك لا معنى لذلك ، فهو ظاهر في اعتبار الشك الفعلي ، فمن أخبار الباب يستفاد اعتبار فعلية الشك في الاستصحاب.
وقد فرّع الشيخ رحمهالله والمحقّق الخراساني رحمهالله على هذا النزاع ـ أعني اعتبار فعلية الشك وعدمه في الاستصحاب ـ فرعا ، وهو : أنّه لو أحدث ثم غفل وصلّى ثم بعد الصلاة شكّ في أنّه هل صلّى مع الطهارة لأجل احتمال أنّه تطهّر قبل الصلاة ، أو لا؟ فلو قلنا بأنّ المعتبر فعلية الشك في الاستصحاب فهو حيث كان غافلا قبل الصلاة فليس له استصحاب ، فبمقتضى قاعدة الفراغ يحكم بصحة صلاته ، ولو قلنا بعدم لزوم الشك الفعلي في الاستصحاب فبحكم الاستصحاب يكون بلا طهارة فصلاته فاسدة ولا مجال لقاعدة الفراغ ؛ لأنّ مورده هو الشك الحادث بعد الصلاة. وأمّا لو أحدث ثم التفت وشك ثم غفل ثم صلى ثم شك في أنّ صلاته كانت مع