به؟ كالنزاع المعروف فيما لو لو كان شخص مقلّدا وصدر منه أفعال ولكن حين العمل لم يلتفت الى أن هذا العمل يكون مستندا الى تقليده للمجتهد وكان عمله في الواقع موافقا لفتوى المجتهد فهل يكفي وتصحّ أعماله ، أو لا بدّ من الرجوع الى من يقلده فعلا ، أو يقال بأنّ هذا تابع للواقع فلو كان واقعا عمله صحيحا فهو ، وإلّا فلا؟ غاية الأمر يكون رأي مقلّده الفعلي طريقا للواقع ، ومعنى هذا أنّ مجتهده الفعلي لو قال بصحة أعماله فهو ، وإلّا فلا ، ولكن لو أمر بالصحة فسقط منه ـ مثلا ـ قضاء ما فعل أو كفارته ، وأمّا آثاره الاخروية فلو لم يصادف واقعا ما قاله هذا المجتهد فتترتب عليه ، لأنّه قلنا بأن على هذا الفرض يكون تابعا للواقع ، فلو كان الصوم الذي أدّاه في حال عدم التفاته للتقليد فاسدا وحكم مجتهده الفعلي بصحته فالقضاء والكفارة وإن سقطتا عنه لكنّ العقاب لم يسقط عنه. فظهر لك أنّ في هذا النزاع وجود الأمارة والأصل يكون مفروغا عنه.
وتارة يكون النزاع في أنّ الاستصحاب هل يكون أصل وجوده محتاجا الى الشك الفعلي ، أم لا؟ ففي النزاع الأول يكون وجود الاستصحاب مفروغا عنه ، والكلام في مقام العمل هل يكون حجة لمن كان عالما به ، أو هو حجة له ولو لم يعلم به ، بل يكون موجودا واقعا؟ وأمّا في النزاع الثاني فيكون الكلام في أصل وجود الاستصحاب وأنّ أصل وجوده هل هو موقوف على الشك الفعلي ، أم لا؟
فما قاله النائيني رحمهالله على ما في تقريراته من جعل النزاعين نزاعا واحدا ظهر لك فساده ، والكلام في المقام يكون في هذه الجهة.
والشيخ رحمهالله وكذا المحقّق الخراساني رحمهالله قالا بلزوم الشك الفعلي في الاستصحاب ، ولكنّ المحقّق الخراساني رحمهالله كان كلامه في التنبيه الثاني في الكفاية مخالفا لذلك ، حيث يقول بأنّه يكفي في الاستصحاب ثبوته ولو تقديرا ، بمعنى أنّه يكفي أن يكون شيء ثابتا ولو على تقدير ، وفي الآن الثاني يستصحبه ولو لم يكن شك