وبين أدلة هذه الأصول هو الحكومة ، لأنّ بعد تتميم الكشف والأمر بإلغاء احتمال الخلاف تكون الأمارة كالعلم تعبّدا ولا تكون النسبة بينهما الورود ؛ لأنّه قلنا في الورود بأنّه بعد قيام الدليل والخروج الموضوعي يكون خارجا حقيقيا لا تعبدا ، وليس الامارة بعد تتميم كشفه والتصرف في موضوعه وجعله منزلة العلم هي علم حقيقة ، بل بعد ذلك تكون علما تعبدا ، وهذا معنى الحكومة ، لأنّ الحكومة هو التصرف في الحكم بلسان الموضوع إمّا نفيا أو إثباتا ، فالشارع بمقتضى دليل حجية الأمارة جعلها كالعلم تعبدا ، فبعد الأمارة لا يرفع الاحتمال حقيقة ، بل الاحتمال باق وأمر بإلغائه ، وهذا معنى التصرف في الموضوع تعبدا. فعلى المختار تكون النسبة بين الأمارات والاصول هي الحكومة ، لكنّ الحكومة بمعناها الأوّلي يعني التصرف في الموضوع تعبدا وإخراج الموضوعي تعبدا.
وأمّا على مبنى الشيخ رحمهالله في مقام الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري من أنّ لسان أدلة الأمارات هو تنزيل المؤدّى فيكون أيضا النسبة بينها وبين الاصول هي الحكومة ، لكن الحكومة بالمعنى الثاني ، أعني التصرف في الحكم لا الموضوع ، غاية الأمر التصرف في الحكم الثابت ، يعني تكون الحكومة بهذا المعنى ناظرة الى الحكم الثابت.
بيانه : أنّ الشيخ رحمهالله بعد كون مبناه تنزيل المؤدّى لكن ليس تنزيل المؤدّى بلا نظر الى نفس الطريق ، بل مراده تنزيل المؤدّى بهذا الطريق ، يعني من باب قيام الطريق بها ، فالمؤدّى مجعول بما هو مؤدّى الطريق.
فعلى هذا لسان الأمارة ناظر الى الحكم الثابت ، فإنّ بعد تعلّق الأمارة بنجاسة الثوب ـ مثلا ـ وكان مقتضى البراءة طهارته ففي كلّ منهما مع الشك وبقائه حكم الشارع بحكم ، ولكن مع ذلك لسان الأمارة بعد كونه ناظرا الى الواقع وأنّ المؤدى منزّل منزلة الواقع هو أنّ الحكم الثابت بمقتضى الأصل غير ثابت هنا ، فلو