ثبت الأصل ـ مثلا ـ الوجوب وقامت الأمارة على خلافه فيكون لسانها أنّ الحكم الثابت لم يكن هذا ، أو لو ثبت الأصل عدم وجوب شيء وقامت الأمارة على وجوبه أيضا لسانها أنّ حكم الإباحة الثابتة لم يكن في مورد الأمارة ، فعلى مذهب الشيخ رحمهالله تكون النسبة بين أدلة الأمارات والاصول ووجه الجمع بينهما هو الحكومة ، ولكن بالمعنى الثاني من الحكومة ، لأنّ لسان الأمارة يكون نفي الحكم الثابت.
وأمّا من توهّم بأنّ النسبة بين أدلة الأمارات والاصول هي الورود فيمكن أن يكون وجه توهّمه أحد الوجوه :
الأول : أنّ لسان الاستصحاب ـ مثلا ـ بعد كونه «لا تنقض اليقين بالشك ، ولكن تنقضه بيقين آخر» هو أنّ النقض لا يجوز إلّا باليقين ، ولا يجوز أن يكون النقض بالشك ، وحيث إنّ مقتضى الأمارة بعد حجيتها هو وجوب العمل على وفقها يقينا ، لأنّ بعد حجيتها العمل بها متيقن ، فلو قامت الأمارة في مورد الاستصحاب فيقول بأنّك متيقّن يعني أنت ذا يقين ليقينك على وجوب العمل بها ، فلو نقضت شكك بالأمارة فقد نقضت باليقين لا بالشك ، وما قلنا في توجيه كون النسبة هو الحكومة كان لأجل أنّا قلنا بأنّ لسان الأمارة جعلها منزلة العلم ، فهي علم تعبدا ، فيقدم العلم التعبدي على الشك بدليل حجيتها ، وهذا كان معنى الحكومة.
وأمّا على هذا الوجه فلا يكون من هذا الباب ، بل يقول بأنّ نقض اليقين لا بدّ وأن يكون باليقين ، فأنت بعد يقينك بالعمل بالأمارة بمقتضى ثبوت حجيتها فلو شككت في الطهارة السابقة في الآن الثاني ويكون مجرى الاستصحاب مع قطع النظر عن الأمارة ، فلو قامت أمارة على نجاسة ما شككت في طهارته في الآن الثاني بعد يقينك بطهارتها في الآن الاول تصير أنت متيقنا بالعمل بمؤدى الأمارة ، فأنت لو رفعت اليد عن الاستصحاب وبنيت على النجاسة فأنت نقضت اليقين باليقين لا