والسرّ في ذلك هو : أنّ دليل حجية الأصل يثبت مؤدّى الأصل بحجيته وتمام صفحة وجوده ، فعلى هذا باستصحاب زيد يثبت وجود الإنسان ويترتب عليه أثره ، لأنّ التنزيل يشمل تمام وجود زيد ، وزيد في الخارج متحد مع الإنسان ، وليس للإنسان وراء وجوده وجود ، هذا من الواضحات ولا مجال للترديد فيه.
نعم ، ربّما يكون مورد الاستصحاب والتنزيل الفرد ، لكن لا بحيث فردية الغير المتميّزة مع فرد آخر ، بل باعتبار خصوصياته الفردية ، فلا مجال لإثبات أثر الكلّي ؛ لأنّه على هذا ليس مورد التنزيل هو الحيث المتّحد مع الكلي ، وأيضا لا بدّ وأن يكون الحيث المتّحد معه وجودا مسلّم البقاء على تقدير وجود مؤدّى الاستصحاب ، مثلا في زيد والعلم ، فالعلم متّحد معه ، وباستصحاب زيد يثبت العلم ، لكن بشرط كون العلم مسلّم البقاء على تقدير وجود زيد ، فلو كان مشكوك البقاء فيحتاج الى استصحاب آخر لإثباته.
ومن هنا ظهر لك حال الاعتباريات ، وأنه لو استصحب منشأ الاعتبار يثبت المعتبر ، وكذلك في الامور الانتزاعية ، لأن وجود المعتبر وكذلك وجود المنتزع ليس إلّا بوجود منشأ اعتباره ومنشأ انتزاعه فيثبت بالاستصحاب ويترتب عليه أثره ، فليس هذا القبيل من الاصول المثبتة ، لأنّ كثيرا ما يكون مورد الاستصحابات من هذا القبيل ، ولا وجه أصلا للإشكال في ذلك ، فافهم.
واعلم : أنّ في الاستصحاب إن كان استصحاب الموضوع لا بدّ فيه من الأثر ، وبدون الأثر لا معنى للاستصحاب ، وأمّا في استصحاب الأحكام فلا حاجة الى الأثر ، بل يكفي صرف الحكم الثابت بالاستصحاب.
نعم ، لا بدّ فيه من شرط آخر ، وهو : أن يكون للاستصحاب في الأحكام نتيجة عملية. وبعبارة اخرى : يكون له العمل خارجا ، وإلّا لو لم يكن له عمل في الخارج فلا معنى للاستصحاب ، مثلا استصحاب الوجوب أو الاستحباب لا بدّ وأن يكون