والغرض من البحث ، ولا إشكال في أنّ جهة البحث في هذا البحث لا تكون عن السنة بل عن الخبر ، ولا بدّ أن تكون المسألة بحسب الغرض من المبحث من عوارض الموضوع ، وهنا تكون جهة البحث عن الخبر فلا يكون من عوارض السنة ، وهذا واضح.
فعلى هذا لو التزمنا بكون موضوع علم الاصول هو الأدلة الأربعة يلزم عدم كون هذه المسألة من مسائل الاصول ، ولكن كما قلنا في محلّه ليس موضوع علم الاصول خصوص الأدلة الأربعة ، بل كلّ ما يمكن أن يتوصّل به الى كشف حكم شرعيّ فرعيّ يكون موضوعا له ولو كان فرضا خارجا عن الأدلة الأربعة ، وعلى أيّ حال لا حاجة الى إطالة الكلام أزيد من ذلك في هذا ، ومن الواضح أنّ هذه المسألة من جملة المباحث المهمّة من مسائل الاصول ، وما هو المهمّ البحث عن أصل المطلب.
فنقول بعون الله تعالى : إنّه بعد ما قلنا من عدم ورود ما قاله ابن قبة من الاستحالة في التعبد بخبر الواحد يقع الكلام في أنّه هل وقع التعبّد به ، أم لا؟ ولا إشكال في النافين لحجية خبر الواحد بأن لم يكونوا محتاجين الى إقامة الدليل ، بل يكفيهم الأصل وهو عدم حجية الظن ، فلا بدّ للمثبت أن يأتي بالدليل على الخروج من هذا الأصل ، ولكن مع ذلك استدلّ المنكرون على حجّية خبر الواحد بالأدلة الأربعة :
الأوّل : الإجماع الذي ادّعاه السيد رحمهالله ، ولكن يأتي ـ إن شاء الله ـ أنّ المراد من كلام السيد ليس الإجماع المصطلح ، ولا مجال لدعوى الإجماع مع هذا الاختلاف.
الثاني : الآيات الناهية عن العمل بغير العلم والذمّ بالعمل بالظنّ.
وأجابوا عن ذلك : بأنّ الآيات واردة في اصول الدين ؛ لعدم جواز التعويل فيها على غير العلم ، فلم تكن هذه الآيات ناظرة الى الفروع.