الطوسي رحمهالله ـ أعني النقل الثاني ـ فلا إشكال في عدم ورود هذا الإشكال لمّا كان في الرواية «ما لم يرد عليك فيها أمر أو نهي» ، وشرط الورود علينا ، وإن كانت الرواية كما ذكرها الشيخ الأنصاري رحمهالله ـ أعني نقل الصدوق وهو النقل الأول ـ فتارة يقال بأنّ الرواية متعرّضة الى أنّ الأشياء تكون مطلقة قبل ورود النهي ، واخرى يقال بأنّ الرواية متعرّضة لبيان الحكم الفعلي للمكلف ، وأنّ الأشياء تكون فعلا مطلقة ما لم يرد النهي فيها.
والإنصاف أنّ الرواية تكون في مقام التعرّض للجهة الثانية ، وعلى هذا فالرواية دليل لما نحن فيه ، ويقع التعارض بينها وبين أخبار الاحتياط.
ومن الروايات المتمسّك بها : صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج في باب العدة ، واعلم : أنّ من تزوّج امرأة في العدّة فإن كان قد دخل بها كانت محرّمة عليه ، سواء كان عالما أو جاهلا ، وإن لم يدخل بها ، فإن كان عالما فأيضا محرّم عليه ، وإن كان جاهلا سواء كان بالحكم أو بالموضوع فلا يكون سببا للتحريم ، وبهذا وردت أخبار كثيرة منها هذه الصحيحة.
ولا يخفى عليك أنّه لا وجه للاستدلال لما نحن فيه بهذه الصحيحة ، إذ حال هذه الصحيحة حال الرواية المتقدمة سابقا الواردة في باب الحجّ ؛ لأنّ محلّ كلامنا في المقام هو أنّه هل تكون دليلا على رفع الحكم التكليفي المشكوك ، أم لا؟ وليس كلامنا في الحكم الوضعي.
فإذا نقول : هذه الرواية تكون في مقام بيان الحكم الوضعي ، وأنّ الحرمة الأبدية التي هي أثر التزويج في العدة لا تكون في مورد الجهل ، ولا إشكال في أنّ الحرمة الأبدية تكون حكما من الأحكام الوضعية ، وليست حكما تكليفيا ، فليست الرواية مربوطة بما نحن فيه أصلا.
نعم ، لو كانت الرواية في مقام بيان الحكم التكليفي وأنّ نفس الإيجاب والقبول