ترى في البيع على القول بكونه من مخترعات العرف ، فالشارع لو قال : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) ولم يبيّن ما هو موضوع حكمه فالمرجع في تشخيص موضوعه هو العرف ، فعدم بيان الشارع لموضوعه يكفي في إثبات أنّ المرجع هو العرف في تعيين الموضوع وتشخيصه ؛ لأنّه بعد ما كان وظيفته بيان الأحكام فلو بيّن الحكم ولم يبيّن موضوعه فقد أخلّ بالغرض ، وهذا غير صحيح منه ، فظهر أنّ المرجع في هذا المورد أيضا هو العرف لكن بملاك آخر غير ملاك الموردين السابقين ، وهو ما قلنا.
وممّا ذكرنا في هذا المقام يظهر لك مقصود الشيخ رحمهالله من كلامه في أول بيع المكاسب قوله قبل المعاطاة بسطرين : (وأمّا وجه تمسّك العلماء بإطلاق أدلة البيع ... الى آخره) حيث إنّ غرضه هو أنّه ولو كان البيع من مخترعات الشارع ولكن حيث لم يبيّن موضوع حكمه وكان له نظير عند العرف فلا بدّ من الرجوع في فهم موضوع حكمه اليهم.
المورد الرابع : وهو الرجوع الى العرف في المصداق ، ومعنى الرجوع اليهم في المصداق ليس هو ما قلناه بعدم جواز الرجوع اليهم ، بل المرجع بعد تبيّن المفهوم هو العقل ، ولكن في موردين يكون المرجع في المصداق هو العرف ، وهما :
الأول : فيما يرجع الى العرف في المصداق لكشف ما هو المفهوم ، فيكون الرجوع الى المصداق لأجل درك ما هو المفهوم عند العرف ، فمن فهم العرف من كون هذا مصداقا للمفهوم وعدم حكمهم يكشف السعة والضيق وعدم السعة والضيق في المفهوم ، فمن صدقهم نكشف أنّ المفهوم يكون من السعة بحيث يشمل هذا المصداق ، مثلا في الدم ولو أنّ مفهوم الدم معيّن ولكن بعد حكم الشارع بوجوب الاجتناب عن الدم وعدم تعيين موضوع حكمه ، وبعد فرض أنّ العرف في بعض الموارد يحكم بكونه دما ، وبالعكس ، ولو أنّ العقل بعد تبيّن المفهوم يحكم بكون هذا الفرد المردّد مصداقا له أو عدم كونه مصداقا له ، ولكنّ العرف بعد فهمه للفرد المردّد بكونه دما أو