الصفة فيه أو إبرازه منه لا يمكن الحكم بكون الملكة فيه ، لأنّ الملكة صفة نفسانية رادعة عن مخالفة المولى ، فمن تجرّى على المولى ولم تحرز عدالته الى الحال فهذا شاهد على عدم كون الملكة فيه ، ولا يمكن مع ذلك الحكم بكونه ذا ملكة ، وأمّا لو كان له ملكة سابقا ثم تجرّى فحيث إنّ الملكة لا تزول بصرف المخالفة ولم نعلم بأنّها بأيّ شيء تزول.
فنحتاج في فهم ذلك الى ورود التعبد من ناحية الشارع وتحديد الشارع في زوال الملكة لو كان التجرّي معصية حقيقة ، فصرف التجري لا يوجب زوال الملكة ، لأنّه ليس معصية حقيقية ، بل تزول الملكة بفعل الكبيرة أو الإصرار على الصغيرة ، وأما لو قلنا بكون التجري حراما ظاهرا فيصير التجري معصية حقيقة فالاصرار عليه مسلما موجب لزوال الملكة ، لأنه لو كان من المعاصي الكبيرة فبارتكابها مرّة واحدة تزول الملكة ، وإن كانت صغيرة فالاصرار عليها يوجب الزوال.
نعم ، لو تجرى مرة واحدة وشككنا في أنّ التجري من الكبائر حتى كان فعله مرة يوجب زوال الملكة ، أو الصغيرة حتى لا يوجب إتيانه مرة زوال الملكة ، بل لا بدّ من إصرار عليه حتى تزول الملكة ، فنستصحب الملكة في هذا المورد ، فافهم.
هذا كلّه في التجري. وأمّا الكلام في القصد فإن قيل بكونه حراما من جهة حرمة التجري وأنّه بعد كونه حراما حيث إنّ القصد والعزم مقدمة له فهو حرام فلا وجه لذلك ، لأنّه مضى عدم حرمة التجري إلّا في القسم الأول.
وإن كان المراد بكونه حراما لا من باب كونه مقدمة للتجري بل يكون أحد المحرّمات بنفسه فلا بدّ أن يفهم ذلك من الأخبار ، وبعد المراجعة الى الأخبار نرى أنّ القصد على إتيان الواجب يكون الثواب ، وأما القصد على فعل الحرام فليس حراما ولا عقاب عليه إلا في مورد القتل ، لدلالة بعض النصوص على ذلك في خصوص القصد ، وأما كونه حراما مطلقا فلا دليل على ذلك أصلا ، فافهم.