وممّا قلنا ظهر لك عدم جريان الاستصحاب فيما لو شك في النبوة ؛ لأنه مع اعتبار اليقين وموضوعيّته فيها فلا يثبت بغيره ، لا بالظن ولا بالاستصحاب. ومباحثة الجاثليق مع الرضا عليهالسلام ليس من باب الاستصحاب أصلا ، أعني لم يكن إشكاله هو أنّكم بعد التسليم بحجّية الاستصحاب عندكم فنبوة عيسى ـ على نبينا وآله وعليهالسلام ـ نسلّم بها ونستصحبها ، بل يكون كلامه راجعا الى أنّ نبوته مسلّمة وأنتم مدّعون لنبوة محمد صلىاللهعليهوآله فلا بدّ لكم من إثباته. والرضا عليهالسلام أجاب بما حاصله راجع الى أنّه بصرف التسليم بنبوة عيسى لا يمكن لك إلزامنا بنبوته ؛ لأنّه إما أن تقول بأنّ طريق إثبات نبوة عيسى هو نبينا فلا بدّ أولا من الاعتراف بنبوة نبينا حتى تثبت نبوته ؛ لأنّه طريق الى نبوته ، وإمّا أن تقول بالتسليم مع قطع النظر عن نبينا فنقول بأنّه نحن نعتقد بنبوة عيسى التي أخبر بها نبوة نبينا ، فبالملازمة أيضا تثبت نبوة نبينا ؛ لأنّا معتقدون بالملازمة بين نبوة عيسى ـ على نبينا وآله وعليهالسلام ـ وبين نبوة نبينا صلوات الله وسلامه عليه وآله ؛ لما قلنا من أنّنا معتقدون بعيسى عليهالسلام الّذي أخبر بنبوّة نبينا صلوات الله عليه وعلى آله ، فلا يمكن له إلزامنا أصلا ، فصحّ ما قال المعصوم صلوات الله وسلام عليه ، ويكون في غاية المتانة ، فافهم.
التنبيه العاشر :
الكبرى المحرزة ، وهي أنّ العام لو كان بنحو المفردية ، بمعنى أنّه لو اخذ العموم أفراديا بأن اخذ كلّ فرد موضوعا مستقلا ويصير الحكم العام منحلا الى أحكام عديدة فلو وقع التخصيص على أحد أفراده فلا مانع من التمسّك بأصالة العموم في سائر أفراده ؛ لأنّ في كلّ فرد أصل على حدة ، فلو رفع أصل في فرد فلا مانع من جريان أصل سائر الأفراد ، وأصالة العموم أصل اجتهادي وهو مقدم على الاصول