التقديرين لا يكون في العلم إجمال ، والتعبير بالعلم التفصيلي والإجمالي ليس معنى كون العلم إجماليا أنّ في العلم يكون الإجمال والترديد ، بل معناه أنّه علم ليس فيه إراءة جميع خصوصيات المعلوم ، بل كاشف ومرئى لبعض خصوصيات العلوم.
وهذا معنى أنّ العلم الإجمالي علم يكون مشوبا بالجهل ، فمع كونه مشوبا بالجهل لا يكون في جهة علمه إجمال ، بل لأجل مشوبيته مع الجهل عبّر عنه بالعلم الإجمالي ، وإلّا فليس في العلم إجمال أصلا ، سواء كان تفصيليا أو إجماليا ، مثلا في الإناءين المشتبهين وإن كان المعلوم غير بيّن إلّا أنّه مع ذلك فإنّ ما تعلّق به العلم يكون مبيّنا وليس فيه إجمال ، مثلا ما تعلّق به العلم هو إناء زيد ، وفي ذلك ليس إجمال ، غاية الأمر أنّ إناء زيد اشتبه بين الإناءين ، وإلّا فمتعلّق العلم في ذلك المعلوم بالإجمال يكون بعين معلوم بالتفصيل.
وقد قلنا بأنّ الفرق ليس بين التفصيلي والإجمالي ، إلّا أنّ في التفصيلي يكون المعلوم مكشوفا من جميع الجهات وتعلق العلم بجميع جهاته ، وفي الإجمالي لا يكون متعلقه مكشوفا من جميع الجهات ، بل لأجل تعلق العلم بجهة خاصّة منه ، وإلّا فبكلّ حيث تعلق العلم لا إجمال فيه ، كما قلنا في الدوران بين الوجوب والحرمة بأنّ المعلوم بالإجمال وهو التكليف المردّد بين الوجوب والحرمة لا إجمال فيه.
اذا فهمت ما تلونا عليك فاعلم : أنّ العلم الإجمالي حيث يكون العلم فيه خارجا مشوبا بالجهل فيكون علم وجهل ، وقلنا في محلّه بأنّ مجرّد العلم يصير الواقع منجّزا ، وبمجرّد قيام العلم وإراءة الواقع ينطبق عليه كبرى الواقع ، مثلا اذا علم بكون هذا خمرا فيجب الاجتناب بمقتضى «كلّ خمر يجب الاجتناب عنه» ، أو اذا قام العلم بوجود الوجوب من قبل الشارع فينطبق عليه كبرى الواقع وهو وجوب إطاعة أوامر الشارع ونواهيه ، كما قلنا سابقا ، ولا فرق في ذلك بين العلم التفصيلي