رجوع الجاهل الى العالم يكون مختلفا بحسب الموارد ، فتارة يرجع الجاهل الى العالم من باب أنّ بسبب الرجوع اليه يصير عالما ، مثل رجوع المتعلّم الى العالم فهو يرجع اليه حتى بالرجوع يتعلّم منه ويعلم بنفسه ، وليس في هذه الصورة الرجوع اليه لأخذ قول العالم تعبدا ومن غير دليل ، بل يرجع اليه وأن يأخذ منه شيئا مع الدليل لا بلا دليل ، ففي الحقيقة فهذا الرجوع يكون الجاهل فيه عالما لا لأن يأخذ بقوله ولو لم يحصل للمتعلّم العلم.
وتارة يرجع الجاهل الى العالم لأجل كون قول العالم طريقا الى ما هو جاهل به ، وأنّه اذا كان جاهلا يريد أن يحصل طريقا الى مجهوله ، وحيث يرى أنّ قول العالم أقرب الطرق فيأخذ بقوله لأنّه أقرب الطرق ، والشخص لا يتنزل من طريق الأقرب الى الواقع بغير الأقرب ، والرجوع في هذه الصورة يكون من باب دليل الانسداد ، فإنّه بعد جهله بالواقع وتنزّله الى الظنّ فكلّ ظنّ أقرب يأخذ به ، والأخذ بقول العالم يكون من باب أقربية ظنّ الحاصل من قوله الى الواقع.
وتارة يأخذ الجاهل بقول العالم ويرجع اليه من باب صرف التعبد بقوله إمّا من باب حكم العقل ، أو النقل ، لا من باب حصول العلم من قوله ، ولا من باب دليل الانسداد.
اذا عرفت ذلك نقول : بأنّ في باب التقليد لا بدّ من فهم أنّ رجوع المقلّد الى المقلّد يعني الى العالم في أيّ جهة من الجهات؟ فإن كان الرجوع من أجل ما قلنا في الجهة الاولى يعني من باب أن يحصل له العلم بالرجوع الى العالم فهو فطري ولا إشكال في ذلك ، يعني أنّ الفطرة تحكم برجوع الجاهل الى العالم لحصول العلم ، وأن يصير بالرجوع اليه عالما ، ولكن ليس الرجوع في مقام التقليد من هذا الباب ، لأنّ التقليد عبارة عن الأخذ بقول الغير تعبدا ، ولا يتوقّف جواز الأخذ بقول العالم في مقام التقليد الى حصول العلم له بواقعيّة ما يقول المقلّد من الأحكام ، فما يقوله المحقّق