يثبت الحكم ، فببركة الاستصحاب يثبت عدم وجوب الكفّارة ، فاذا ثبت عدم وجوب الكفّارة لا يجب الوفاء بالنذر ؛ لأنّ موضوع وجوب الوفاء بالنذر هو ما وجب عليه واجب ، وما وجب عليه واجب فهو بمقتضى الاستصحاب.
فظهر لك الفرق بين جريان الاستصحاب وبين جريان البراءة فيما كان شيء آخر مترتّب على عدم الوجوب ، فعلى جريان الاستصحاب يكفي استصحاب واحد ، وعلى جريان البراءة لا بدّ من جريان براءتين.
أمّا الحكم في الصورة الرابعة ، يعني فيما علم بوجوب شيء وعلم بمسقطية شيء آخر له ، مثل ما علم بوجوب الصوم وعلم بأنّ السفر مسقط عنه ، بمعنى أنّه يعلم بأنّ السفر مسقط لوجوب الصوم عليه ولكن يكون شكّه في أنّ هذا المسقط هل يكون واجبا بدلا عن الصوم ومسقطا له ، أو لم يكن واجبا ، بل يكون هناك فعل مباح ولكنّ إتيانه موجب لسقوط وجوب الصوم عنه؟
فنقول : إنّه تارة نلتزم بأنّ في الواجب التخييري يكون جعل واحد ، مثلا لو صار الصوم والسفر واجبا بالوجوب التخييري يكون وجوب واحد متعلّق بهما. وتارة نلتزم بأنّه في الواجب التخييري يكون جعلين ، مثلا في المثال المذكور يكون وجوبين : فوجوب تعلّق بالصوم ، ووجوب آخر تعلّق بالسفر ، غاية الأمر وجوبهما وجوب تخييري. فإن قلنا بالأول فلا تجري البراءة ؛ لأنّ مورد البراءة هو الشكّ في التكليف ، وهذا في الفرض يعلم التكليف ، ولكن لا يدري كيفية وجوبه ، ففي المثال المتقدم لا يمكن القول بعدم وجوب السفر بمقتضى البراءة ولو أنّه لا يدري وجوبه ، ولا أصالة عدم الوجوب ، يعني الاستصحاب ؛ لأنّه في الفرض يكون الوجوب متيقّنا لكن لا يدري كيفية الوجوب ، فإن كان متعلقا بالصوم فقط يكون السفر غير واجب ، وإن تعلّق بالصوم والسفر كليهما فيكونان طرفا للوجوب فلا يجري الاستصحاب لما قلنا ، وإن نلتزم بالثاني يعني بأنّ في الواجب التخييري يكون جعلان فلا إشكال في جريان استصحاب عدم وجوب السفر ، ونحكم بعدم وجوب