وأنّه لا يمكن أن يرفعها الشارع فقال : معنى رفعها رفع إيجاب الاحتياط الذي تسبقه المؤاخذة.
ولا نفهم مقصوده من هذا الكلام ؛ لأنّه مع التزامه بأنّ المرفوع هو الحكم لا حاجة له الى ذلك ، ولا يكون إيجاب الاحتياط على هذا مرفوعا ، ولكنّه اعترف في الحاشية وقال : (بعد رفع الحكم لا يمكن القول برفع إيجاب الاحتياط).
وأيضا له عبارة اخرى في المقام في الكفاية فقال : (ثمّ لا يخفى عدم الحاجة الى تقدير المؤاخذة ولا غيرها من الآثار الشرعية ... الى آخره). ويظهر من كلامه أنّه بعد ما يكون المرفوع هو الحكم فما لا يعلم من الحكم مرفوع ، ولا حاجة الى تقدير شيء.
وفيه : أنّه ولو كان المرفوع هو الحكم ولكن مع هذا لا بدّ من التقدير ، حيث إنّ مراتب الحكم من الإنشاء والفعلية والتنجّز ما يكون منها بيد الشرع هو مرتبة الإنشاء ، وفي مرتبة الفعلية أيضا يمكن للشارع من أخذ قيود في مرتبة الفعلية مطلقا ، أو على مذهب هذا المحقق في مرتبة من الفعلية ، لأنّ مبناه هو أنّ للفعلية مرتبتين ، إمّا مرتبة التنجّز ، أو مرتبة اخرى من الفعلية على مبناه فليس بيد الشارع.
فنقول : أمّا رفع مرتبة الإنشاء ولو كانت بيد الشرع ولكن لا يمكن رفعها للزوم التصويب ، وأمّا مرتبة الفعلية فيمكن له دخل قيود فيه ، فعلى هذا يمكن للشارع أن يدخل قيودا فيه حتى لا يصير فعليا ، أو لا حتى يصير فعليا ، وعليه فيمكن للشارع عدم بلوغ الحكم بمرتبة الفعلية باعتبار منشئها من عدم نصب طريق عليه ، أو الاحتياط ، أو بلوغ الحكم بتلك المرتبة باعتبار منشئها من نصب الطريق أو إيجاب الاحتياط.
فظهر لك أنّ الحكم بنفسه لا مرتبة إنشائه غير قابل للرفع ، بل باعتبار أمر آخر من نصب طريق أو إيجاب احتياط أو عدمهما ، ومرتبة الإنشاء وإن كانت