بنفسها قابلة للرفع أو الوضع لكن في المقام يوجب التصويب ، فعلى هذا ولو كان المرفوع هو الحكم ولكن مع ذلك لا بدّ من التقدير لما قلنا ، وعليه فيمكن أن يكون المقدّر في غير «ما لا يعلمون» أيضا عدم إيجاب التحفّظ ، كما أنّ في «ما لا يعلمون» يكون المقدّر هو عدم إيجاب الاحتياط ، فتدبّر.
الموقع الخامس :
بعد ما عرفت من أن مقتضى الحديث هو رفع الأحكام ولو باعتبار منشئها فلذلك يقع الكلام في أنّ المرفوع هو الأحكام التكليفية والوضعية كليهما أو أحدهما. لا يخفى عليك أنّ كلّ حكم تكليفيّ ـ نفسيا كان أو غيريا كان وجوبه وجوبا شرطيّا أو جزئيّا ـ يرفع بمقتضى الحديث بلا تأمّل.
واعلم مقدمة : أنّه كما قلنا في طيّ المبحث يكون المرفوع نفس هذه التسعة ولو باعتبار أثرها ، واسند الرفع الى نفس هذه التسعة لأجل أنّه بعد رفع آثارها فكأنّه يرفع نفس هذه التسعة ، كما ترى في إطلاق نظائرها ، مثل : «لا علم إلّا ما نفع» ففي المقام يكون المرفوع نفس التسعة ، ولو لم تكن هذه التسعة مرفوعة حقيقة لكنّ مجوّز الإسناد هو ما قلنا من أنّه بعد رفع آثار الشيء فالصحيح إسناد الرفع الى نفس الشيء ، فلم يكن التنزيل في البين بأن يقال بأنّه بعد كون المرفوع هو آثار هذه التسعة فكأنّه يكون ذلك بمنزلة رفع نفس هذه التسعة فنزّله بمنزلة رفع نفس هذه التسعة ، مثلا : إذا رفع آثار شيء فيمكن تنزيل الشيء منزلة العدم باعتبار آثارها ، كما يظهر ذلك من تقريرات النائيني رحمهالله.
وقد تفرّع على ذلك أنّه يرفع الحديث الآثار الوجودية ، وأمّا الآثار العدمية فلا ترتفع ، ومثّل القائل بما لو نذر على تحريم شرب ماء دجلة ، فلو استكره على تركه لم يرفع بالحديث أثر المترتّب على مخالفة النذر بالحديث ، والسر في ذلك هو : أنّ