ودخل في المركّب فينتزع الجزئية ، فعلى هذا ليست الجزئية وأخواتها مجعولة من الشارع لا أصلا ولا تبعا ، بل هي مجعولات عرضا بجعل منشأ انتزاعها ، فالشارع بعد جعل وجوب السورة ـ مثلا ـ وجعل أشياء أخر فحيث يظهر بينها جهة وحدة إمّا لأجل دخلها في غرض واحد فبهذا الاعتبار يكون واحدا ، أو باعتبار كونها ذات دخل في مصلحة واحدة أو غير ذلك فبهذا الاعتبار بينها جهة الوحدة ، فبعد ما رأى العقل أنّ بينها جهة وحدة وكلّ من هذه الأشياء له مدخلية في هذه الوحدة فبهذا الاعتبار ينتزع العقل من كلّ منهما الجزئية ، فليست الجزئية مجعولة من الشارع إلّا بتبع منشأ انتزاعها ، أعني الجزء ، وهكذا الكلام في الشرطية والمانعية والقاطعية ، ولأجل كونها منتزعات ترى أنّ في البراءة لا يتعلق الرفع بها ، بل معنى رفعها رفع منشأ انتزاعها ، وكذلك في الاستصحاب لو يجري فإنّه يجري في منشأ الانتزاع لا فيها ، وليس السرّ في ذلك إلّا ما قلنا من كونها منتزعات ، ولكنّ كلّ هذه الأقسام الأربعة المتقدمة منتزعات من الخصوصية التي جاءت من قبل الشارع ، ولذا نقول بأنّها مجعولات بالعرض بجعل منشأ انتزاعها.
ثمّ إنّ الصحة والفساد أيضا مجعولان بهذا المعنى ، أعني بجعل منشأ انتزاعهما ، وهما من الأحكام الوضعية ؛ لأنّه قلنا بأنّ المحمولات التي تعرض للموضوعات لو كانت بحيث لو لم يكن الشارع لم تحمل على الموضوعات فهي عبارة عن الأحكام والصحة والفساد كذلك ، فلو لم يكن حكم الشارع بالصلاة ـ مثلا ـ فكيف ينتزع الصحة أو الفساد؟ وحيث ليستا من الأحكام الخمسة فتكونان من الأحكام الوضعية ، وليستا مجعولتين بالأصالة ولا بالتبع ، بل هما مجعولتان بالعرض ، بمعنى أنّ العقل ينتزع منهما الصحة أو الفساد ، ولكنّ الفرق بينهما وبين الجزئية وأخواتها هو : أنّ الجزئية واخواتها منتزعات من خصوصية حكم الشارع ، بمعنى أنّه بعد حكم الشارع يحدث فيها خصوصية ، والعقل بهذا الاعتبار ينتزع الجزئية وأخواتها.