المقام فليس كذلك ، بل يكون للشارع بيان المصالح والمفاسد ، فعلى هذا ليست الشبهة موضوعية.
وثانيا : أنّ ما قلت من أنّ الأخباريّين أيضا معترفون بالبراءة في الشبهات الموضوعية أول الكلام فهم لا يقولون في الشبهات الموضوعية مطلقا بالبراءة ، بل في كلّ مورد يقولون بالدليل مثل «كلّ شيء لك حلال».
ولكن نقول بأنّ تعبير الشيخ رحمهالله بأنّ (الشبهة من هذه الجهة موضوعية) صار سببا لتوهّم فساد كلامه ، وعلى هذا نقول بأنّه حيث إنّ هذا الكلام جار في الشبهات الموضوعية ؛ لأنّه يحتمل أن يكون في ارتكابها مفسدة ، كالبعد عن المولى ، والأخباريون أيضا قائلون بالبراءة ولو في بعض الشبهات الموضوعية ، فكلّ ما يقولون في هذا البعض نقول نحن في محلّ الكلام ، فافهم.
وأمّا لو كان المراد من الضرر هو الضرر الدنيوي فهو غير واجب الدفع ، كما ترى أنّ العقلاء يقدمون عليه في بعض الموارد ، فحكم العقل بوجوب دفع الضرر الدنيوي ممنوع.
فظهر لك ممّا قلنا : أنّ بعض الآيات والأخبار لا يدلّ على البراءة ، وبعض الآيات والأخبار يدلّ على البراءة ، وكان مدلوله هو ما حكم به العقل من قبح العقاب من غير بيان ، وبعض الأخبار يدلّ على الترخيص ، فالآيات والأخبار وحكم العقل الدالة على قبح العقاب من غير بيان ليست قابلة للمعارضة مع أدلة الاحتياط لو ثبتت ، لأنّ مورد هذه الآيات والأخبار وحكم العقل هو صورة عدم ورود البيان ، وأدلة الاحتياط على تقدير تماميتها تكون بيانا ، وأمّا الرواية الدالة على الترخيص لا صرف مدلول حكم العقل فقط فتقع المعارضة بينها وبين أدلة الاحتياط على تقدير تماميتها ، فعلى هذا نذكر أدلة الاحتياط ، فلو لم تكن شاهدة على وجوب الاحتياط فتكون أدلة البراءة سليمة عن المعارض ، ولو تمّت أدلة