السّفر ؛ لأنّ الجعل المتعلق بالصوم معلوم ، وأمّا الجعل الآخر المتعلّق بالسفر فيكون مشكوكا ، فيجري استصحاب عدم الوجوب.
وأمّا أصالة البراءة فلا تجري ؛ لأنّ مورد جريانها هو ما كان ضيق من ناحية تكليف المجهول فيرتفع بالبراءة ، وأمّا فيما لم يكن ضيق على المكلف فلا تجري البراءة ، والمقام يكون من قبيل الثاني ، لأنّه في الواقع لو أتى بالفرد المعلوم بكونه واجبا لكان كافيا عن هذا الفرد المسقط المشكوك كونه واجبا ، فبعد الإتيان به قد امتثل الأمر مطلقا ، وقبل الإتيان به فقد وقع في ضيق الوجوب ، لأنّه علم وجوب هذا الفرد ، وبإتيان هذا الفرد المعلوم وجوبه سقط التكليف عن الفرد الآخر المشكوك وجوبه ، فلا يكون في ضيق حتى يرتفع بأصالة البراءة ، مثلا بعد ما علم بوجوب الصوم وعلم بكون السفر مسقطا له وكان شاكّا في وجوب السفر فوجوب الصوم معلوم ، ولو أتى به لا إشكال في عدم ترتّب السفر ولو كان واجبا ، لأنّه أحد فردي الواجب التخييري ، فعلى هذا لا يكون في ضيق حتى يرتفع بالبراءة ، وأصالة البراءة تكون جارية فيما كان فيه ضيق على المكلّف ، فافهم.
وأمّا الصورة الثانية وهي ما يعلم بوجوب كلّ من الشيئين ولكن لا يدري بأنّ وجوبهما وجوب تعييني أو تخييري فيأتي الكلام فيها ـ إن شاء الله تعالى ـ في الشكّ في المكلف به ، لمناسبتها مع الشك في المكلف به.
وأمّا الصورة الثالثة : وهي أنّه لا يدري بوجوب أحد الشيئين ، ولكن كان الشكّ في أنّه هل كان شيء آخر واجبا بدلا عنه حتى يكون وجوب الفرد المعين تخييريا ، أو لا ، بل يكون ما علم وجوبه وجوبا عينيا؟ مثل ما يعلم بوجوب الصوم ولكن كان شكّه في أنّ السفر أيضا هل يكون واجبا ، أم لا؟ ففي هذه الصورة تارة يقع الكلام في أنّ وجوب فرد معلوم الوجوب هل يكون عينيا أو تخييريا؟ فالكلام في ذلك وما هو الحق فيه يأتي ـ إن شاء الله ـ في مبحث الشك في المكلف به.
واخرى يقع الكلام في الفرد المشكوك وجوبه ، وأنّه هل يكون هذا الفرد