تدلّ عليه هذه الأخبار على اختلاف مضامينها هو التوقّف عند الشبهة ؛ لعدم الوقوع في التهلكة ، ومن الواضح أنّه لا بدّ وأن يكون من الخارج الهلكة مفروضة حتى يجب الوقوف عندها ، ولا يمكن إثبات الهلاك بهذه الروايات ؛ لأنّ الحكم لا يكون موجدا لموضوعه ، بل لا بدّ وأن يكون الموضوع موجودا قبل الحكم حتى يعرضه الحكم.
فعلى هذا كلّ مورد يكون فيه الهلاك وثبت من أن فيه الهلاك يجب عنده الوقوف بمقتضى هذه الأخبار ، وأمّا فيما لا يثبت ذلك فلا يجب الوقوف ، وفيما نحن فيه من أين يثبت الهلاك حتى نلتزم بوجوب الوقوف فيه؟ ولا يخفى عليك أنّ الوقوف يكون باعتبار الهلكة ، والهلكة تكون مواردها مختلفة ، فلا بدّ وأن يكون الوقوف عندها أيضا مختلف.
ففي بعض المقامات يكون عدم الوقوف موجبا للكفر ، مثل عدم الوقوف والقول بغير علم في اصول الدين ، كما يظهر من رواية زرارة. وفي بعض المقامات لا يكون كفرا ، بل يكون واجبا ، وفي بعض المقامات يكون مستحبّا مثل قوله عليهالسلام : «أورع الناس من وقف عند الشبهة» ، فلا إشكال في عدم وجوبه ، فعلى هذا لا بدّ وأن يكون الوقوف دائرا مدار الهلكة ، ففي كلّ مورد تثبت الهلكة يكون الوقوف ، وبعد ثبوت ذلك أيضا تارة يكون واجبا ، وتارة يكون مستحبا.
فعلى هذا لا يمكن التمسّك بهذه الأخبار لوجوب الاحتياط ؛ لأنّه يلزم إثبات الموضوع ، أعني التهلكة من الخارج ، ثمّ بعد ذلك أيضا بعد كون الهلكة مختلفة فيكون الوقوف أيضا مختلفا ، وفي المقام على تقدير إثبات الهلكة من الخارج لا يكون الوقوف واجبا ، فافهم.
وطائفة هنا لا تدلّ على الاحتياط ، وهذه الطائفة أيضا فيها روايتان واردتان في مورد خاصّ ، وروايات مطلقة.
أمّا الروايتان الواردتان في مورد خاصّ فهما :