وفيه : أنّ بهذا الوجه أيضا لا يمكن الالتزام بحرمة الفعل المتجرّى به ، لأنّه بعد ما قلنا من أنّ ما يلزم اتباعه وطريق الى الواقع وكاشف له هو العلم ، والعلم ليس له إلّا صورة واحدة وهي صورة مصادفته الواقع ، لأنّ العلم هو الانكشاف التام الموافق للواقع ، فالعلم دائما مصادف للواقع وهذا طريق الى الواقع لا القطع الذي تارة يصادف وتارة لا يصادف.
فعلى هذا نقول : إنّ مع قطع الشخص بشيء والحال أنّ الواقع ليس كذلك فليس للعقل حكم أصلا في مورده ، لأنّ هذا ليس إلّا تخيّل صرف وجهل أيّ جهل ، فالعقل كيف يحكم عليه باتّباع جهله؟ فإنّ العقل لو لم يحكم بعدم اتباع هذا القطع فلم يقرره على اتّباعه فهذا الوجه أيضا غير وجيه.
فظهر لك أنّ في باب التجري ليس القطع مأخوذا على نحو الموضوعية أصلا ، فمن تخيل ذلك وبنى على هذا البناء الفاسد امورا ليس في محله كما فعله النائيني رحمهالله ، وعليك بالمراجعة في كلماته في هذا المقام فإنّ بعضها مورد الإشكال ، ولعلّ الاشتباه فيه من المقرر.
وممّا تلونا عليك سابقا في طيّ كلماتنا ظهر لك الفرق بين الانقياد وبين التجري ، وعدم العقاب في الثاني ، والثواب في الأول لحيث استناده الى المولى ، فإنّه يأتي بالفعل بعنوان إطاعة المولى وانقياده له ويثاب على ذلك مع ما قلنا في الفرق بين التعبدي والتوصلي.
وأمّا التجري فحيث لا يكون بالمعنى الثاني منه الذي قلنا سابقا هتكا للمولى ، بل غلبة النفس صار سببا له فلا يوجب عقابا أصلا ، فافهم.
إذا عرفت ما هو الحقّ في الأقسام الثلاثة من التجري نقول : في مقام الشهرة لهذا النزاع بعد كون العقاب عليه أو عدم العقاب عليه على اختلاف بأن الثّمرة في المسألة هي : أنّ العدالة المعتبرة في إمام الجماعة أو في الطلاق على القول بكون العدالة هي الملكة فلو لم تحرز عدالة شخص وتجرّى يعني كان متجريا على المولى فمع هذه