في مورد آخر بعدم كونه دما ولو لم يحكم العقل في الأول بكونه دما وحكمه في الثاني بكونه دما نكشف بأنّ موضوع حكم الشارع هو ما يفهمه العرف ، لأنّه لو كان موضوع حكم الشارع غير متعارف عند عرف الناس فلا بدّ من بيانه بعد علمه بأنّ العرف لا يفهمون من حكمه إلا ما هو المتعارف عندهم ، فمن عدم بيانه والحال أنّه كان في مقام البيان نكشف أنّ موضوع حكمه هو ما يكون المتعارف عندهم ، وهذا هو معنى الإطلاق المقامي الذي نتمسّك به في بعض الموارد ، وموردنا أيضا من موارده.
الثاني : أن يرجع الى العرف في المصداق لا لكشف ما هو المفهوم وفهم الموضوع ، بل يكون الرجوع اليهم فقط لأجل فهم حكم المفهوم في هذا المصداق وعدمه. ولا يخفى عليك أنّ الرجوع في هذين الموردين لا يكون بملاك الرجوع في المورد الأول والثاني والثالث ، بل ملاكه هو ما قلنا من الرجوع الى العرف في المصداق لكشفنا من حكمهم بصدق المفهوم على المصداق سعة المفهوم ، فالرجوع في المصداق اليهم يكون لكشف سعة وضيق المفهوم ، أو لفهم أن حكم المفهوم يكون في هذا المصداق أو لا؟
واعلم أنّ لهذا المورد ـ أي المورد الرابع ـ أمثلة كثيرة ليس هنا محلّ ذكرها.
ومن الموارد التي يرجع بها في المصداق الى العرف بالملاك المتقدم هو باب الاستصحاب ، فإنّه بعد حكم الشارع بعدم النقض وعدم رفع اليد عن اليقين بمجرد الشك ، ولزوم بقاء الموضوع في صدق النقض وعدمه ، فبعد الشك ولو أنّ العقل يرى أنّ ما هو الموضوع إمّا باق لعدم دخل ما ارتفع فيه ، وإما لم يبق الموضوع لأجل دخل ما ارتفع فيه ، لكن حيث إنّ العرف في بعض الموارد يحكم ببقاء الموضوع ولو لم يحكم العقل ، أو يحكم بزوال الموضوع ولو يحكم العقل ببقائه فحكم الشارع لو لم يكن موضوعه هو المتفاهم عند العرف مع علمه بأنّ الموضوع ما هو عندهم وكونه