فأنت أيضا تصير بمنزلة ابنه ، وأمّا لو كان التنزيل لا بهذا العنوان بل بعنوان آخر فلا ، مثلا لو كان تنزيل الابوة بعنوان العلم فلا يكون تنزيلا إلّا لحيث العلم ، فليس ابنه أيضا منزّلا ، لأنّ التنزيل تعلّق بجهة علمه. اذا عرفت هذا ففي الاستصحاب يكون المشكوك منزلة المتيقّن بما أنّه متيقّن لا بعنوان آخر ، فلو كان شيء ملازما معه بعنوان آخر فدليل التنزيل لا يشمله.
فاعلم أنّه لم نجد موردا يكون التنزيل بالعنوان الذي يكون بين اللازم والملزوم التلازم حتى يكون دليل التنزيل على أحدهما دليلا على الآخر أيضا ، فما قاله هذا المحقق تامّا بحسب الكبرى ، لكنّه غير تامّ بحسب الصغرى.
وقال ثانيا بأنّ الأصل مثبته حجة اذا كانت الواسطة جلية.
وفيه : أنّه لم نفهم كلامه ، فهو كلام مخدوش ، إذ الواسطة لو كانت جلية فكيف يكون المثبت حجة؟ وكيف يعدّه العرف أثرا للمؤدى؟ ففي صورة جلاء الواسطة ليس لهذا المقال مجال.
نعم ، في قول الشيخ رحمهالله ـ يعني صورة خفاء الواسطة ـ يمكن أن يدّعى أنّ خفاء الواسطة موجب لأن يعدّ العرف الأثر أثرا للمؤدى. فظهر لك أنّ في خصوص صورة خفاء الواسطة بشرط كون الأثر بالحيث الذي يكون أثر نفس المؤدى بحسب نظر المتيقّن بنظره العرفي يكون المثبت في الاصول حجة ، وإلّا فلا ، فتدبّر.
ثمّ إنّه ليس من قبيل الأصل المثبت كلّ مورد يكون وجود اللازم في الخارج متّحدا مع وجود الملزوم. وبعبارة اخرى : لو كان وجود مؤدّى الأصل بعين وجود لازمه أو ملزومه ولا إشكال في ترتيب آثار اللازم أو الملزوم ، وليس من قبيل الاصول المثبتة ، ويكون من هذا القبيل استصحاب الفرد والحكم ببقاء كلّيه ، وترتيب آثار الكلي ، حيث إنّ وجود الكلّي في الخارج ليس إلّا بوجود فرده ومتّحد مع وجود الفرد ، ووجوده عين وجود الفرد.