من الإمضاء ، غاية الأمر نكشف الإمضاء كذلك ، فعلى هذا نعلم كلية في المجعولات الشرعية وما هو وظيفة الشارع لا بدّ من الإمضاء ، غاية الأمر في بعض الموارد يكشف عدم الردع عن الإمضاء.
إذا عرفت ذلك كلّه فاعلم : أنّ ما قاله المحقّق الخراساني رحمهالله في الخبر الواحد من أنّه حيث يكون البحث عن حجية الخبر راجعا الى الإطاعة والمعصية ، وأنّه يحصل به الإطاعة أو المعصية ـ مثلا ـ فيكون من وظائف العقل فالشرع تابع له فيكفي فيه الردع ليس في محله ، إذ النزاع في الخبر لم يكن في ذلك ، بل يكون في طريق الحكم ، وأنّه هل يصلح خبر الواحد أن يصير طريقا الى الحكم الشرعي ، أو لا؟ فعلى هذا لا يكون ذلك من وظائف العقل ، بل يكون من وظائف الشرع ، لأنه كما أنّ نفس بيان الحكم على عهدة الشارع كذلك من وظائفه بيان طريقه ، فلو كان عند الناس طريق لا يمكن لهم الاكتفاء به بمجرّد عدم الردع ، بل يجب عليهم الرجوع الى الشارع حتى يبين لهم الأحكام وطرقها ، ولا تكون وظيفة الشارع ردعهم لأنّ على الناس أن يرجعوا الى الشارع فعلى هذا بعد كون المقام من وظائف الشارع لو كان طريق عند العرف أو العقلاء لا بدّ في جواز العمل به من ثبوت إمضائه ، وفي المقام بما قلنا في آية النبأ وآية النفر والأخبار والإجماع لو تمّ لكشف الإمضاء وثبت إمضاء الشارع لسيرة العقلاء ، وبعد ثبوت الإمضاء لا مانع من الأخذ بالسيرة ، فالسيرة القطعية مع إمضاء الشارع دليل على حجية خبر الثقة ، فافهم.
وممّا قلنا يظهر لك أنّه لا يمكن القول بحجية الاطمئنان أو ظنون أخر تمسكا بالسيرة ، لأنّه بعد ما كانت السيرة فيما هو وظيفة الشرع محتاجة الى الإمضاء ففي كلّ مورد ثبت الإمضاء يمكن التمسك بالسيرة ، وفيما لا يثبت الإمضاء لا يمكن التمسك بها ، ففي خبر الواحد حيث ثبت الإمضاء نقول بحجية السيرة ، وأمّا في الاطمئنان أو سائر الظنون فحيث لا دليل على إمضاء الشارع لم تكن السيرة حجة ، فافهم.