وأمّا في الصورة الثانية فأيضا ما قاله من أنّ المرجع ليس العموم صحيح ، وأما ما قاله من أنّ المرجع في الشكّ هو الاستصحاب ليس في محلّه بطريق للإطلاق ، بل لا بدّ أن يقال أيضا بأنّ الخاصّ لو اخذ على نحو الاستمرار فالمرجع عند الشك هو الاستصحاب ، وأما لو كان الخاصّ مأخوذا بنحو المفردية فالمرجع عند الشك ليس هو الاستصحاب.
ولكنّ ما يقتضيه التحقيق هو : أنّ الاشكال يكون واردا ، ويكون الأمر كما قال المستشكل ، ولكن هذا الإشكال لم يكن واردا على الشيخ رحمهالله ، حيث إنّ نظر الشيخ رحمهالله كان على أنّ العام بعد كون الخاصّ ظاهرا في المفردية فالعام أيضا يكون كذلك ؛ لأنّ الخاصّ ينفي الحكم عن مورده بالنحو الذي كان ثابتا له بمقتضى ظهور العام ، فمن ظهور الخاصّ في المفردية نكشف كون العام أيضا كذلك ، ولذا مثّل له بأنّه لو قال : «أكرم العلماء ولا تكرم زيدا العالم يوم الجمعة» فالخاصّ ظاهر في المفردية ، وهكذا العام يكون كذلك ، وكذلك في ما كان العام ظاهرا في الاستمرار ، كما في المثال الذي مثّل له في الصورة الثانية ، وهو : أكرم العلماء دائما ، فلو ورد التخصيص فظاهره أيضا هو الاستمرار ، لما قلنا من أنّ النفي يكون بعين ما كان الإثبات.
نعم ، لو كان الدليل الخاص نصّا في خلاف العام ، أو العام يكون نصّا على خلاف الخاصّ فلا مجال لأن يعامل مع كلّ منهما معاملة الآخر ، ولكنّ هذا المورد ليس مورد نظر الشيخ رحمهالله ، فالإشكال في محلّه لو كان الخاصّ لسانه غير لسان العام ، فلا بد من حسابه بأنّه على نحو الفردية أو الاستمرار ، ففي صورة الاستمرار يكون للاستصحاب مجال ، وإلّا فلا ، لكنّ مورد نظر الشيخ رحمهالله هو صورة توافقهما ، لعدم صراحة في أحدهما على خلاف الآخر ، وصراحة أحدهما في الاستمرار أو المفردية. هذا كلّه فيما كان راجعا الى كلام الشيخ رحمهالله في هذا المقام.
وأمّا المحقق الخراساني رحمهالله فله أيضا في المقام كلام ، وهو أنّه قال : لو كان العام والخاص على نحو الاستمرار فالمرجع عند الشك هو استصحاب الخاصّ ، لكن لو