وإن كان مرادهم هو أنّه بعد كون العقل له وظائف خاصة وهو ما يكون المرجع فيه ، وكذلك للعرف وظائف خاصة وهو المرجع فيه ، كذلك للشرع أيضا وظائف خاصة وهو المرجع فيه لا غيره ، ولا إشكال في أنّ بيان الحكم أمره بيده فلا بدّ من الرجوع في ذلك اليه ، فنقول : في الفروع وما يتعلق بالعمل يكون هو المرجع ، واذا كان هو المرجع فيكون أمره سعة وضيقا بيده فيمكن له تصرفات في كيفية الحكم وفي طريقه وغير ذلك ، فيمكن له أن يجعل حكمه في موضوع خاصّ ، مثلا : جعل الماء طاهرا اذا قطع بطهارته بأسباب عادية أو غير ذلك.
فاذا ظهر أن أمر بيان الحكم بيده فهل يكون لتوجيه قولهم أمر معقول حتى اذا ثبتت معقوليّته نتفحّص من دليله ، أم لا؟ فنقول : يمكن توجيه كلامهم تارة بأن يقال : إنّ القطع ولو اخذ طريقا لاثبات المتعلق ولكن بعد ما تكون مراتب للأحكام فيمكن أن يجعل الشارع القطع طريقا لمرتبة خاصّة موضوعا في مرتبة اخرى ، مثلا : القطع الذي هو طريق لمرتبة إنشاء حكم جعله طريقا موضوعا لمرتبة فعليّته ، ولا محذور في ذلك ؛ لأنه كما يمكن جعل القطع الذي هو طريق شيء موضوعا لاثبات حكم آخر كذلك يمكن جعل القطع الذي هو طريق لمرتبة إنشاء الحكم موضوعا لمرتبة الفعلية ، فيقال بأنّ القطع مطلقا من أي سبب حصل طريق لمرتبة إنشاء الأحكام ، ولكنّ الشارع جعل القطع الحاصل من غير المقدمات العقلية موضوعا لإثبات مرتبة فعلية هذه الأحكام ، وهذا وإن كان ليس أمرا غير معقول ولكن حيث إنّه في مقام الإثبات محتاج الى الدليل فلا يكون دليلا عليه ، لأنّ الأخبار الكثيرة تدلّ على اشتراط الولاية في صحة الأعمال ، أو في ترتّب الثواب والأجر على الكلام فيه ، ولكن ليس خبر دال على أنّه بعد الولاية لا بدّ وأن يكون طريق العلم بالأحكام هو غير المقدمات العقلية ، وكونه من السّماع من المعصوم رحمهالله.
وتارة يقال في توجيه كلامهم : بأنّ من المقدمات العقليّة لا يحصل القطع ، بل