ولا يخفى عليك أنّ الرواية ليست مرتبطة بما نحن فيه أصلا ، بل بعد تسليم استحباب التكبير واستحباب «بحول الله وقوته أقوم وأقعد» فسأل عن الإمام بأيّهما يأتي المكلف حيث كانا مستحبّين؟ قال الإمام : بأيّهما لا مانع من الأخذ ، ويمكن الأخذ بكلّ منهما أيضا ، لا أنّ المعصوم أمر بالتخيير وعدم جواز الإتيان بكل منهما ، فعلى هذا لا ربط للخبر بما نحن فيه.
وما كان منشأ توهّم الشيخ هو : أولا : لفظ الوجوب الوارد في الخبر الذي قلنا فيه بأنّه لا إشكال بأنّ المراد منه الاستحباب.
وثانيا : ذيل الخبر حيث قال : «وبأيّهما أخذت ... الى آخره» ، حيث إنّه يرى أنّ في أخبار تعارض الخبرين كانت هذه العبارة فتخيّل أنّ هذا الخبر أيضا كان مثل أخبار باب التعارض ، ولكن ظهر لك فساده.
وأمّا الكلام فيما لو كان الشكّ في الوجوب وغير الحرمة وكان منشأ الشكّ هو الاشتباه في الموضوع الخارجي فنقول : إنّه في هذا المقام إمّا يكون الشكّ في تحقّق المصداق الخارجي وعدمه ، مثل من يعلم بوجوب صلاة الظهر ولكن لا يدري أنّ ما أتى به مصداق لما هو الواجب فلا إشكال في عدم جريان البراءة ، بل يكون المورد الاشتغال ؛ لأنّ الشكّ يكون راجعا الى مقام الامتثال بعد العلم بالتكليف.
وإمّا أن يكون الشكّ في وجوب ذلك المصداق وعدمه ، مثل أنّه كان يعلم بوجوب إكرام العلماء ولكن لا يدري بأنّ هذا المصداق الخارجي هل يكون عالما حتى يجب إكرامه ، أو لا يكون عالما حتى لا يجب إكرامه؟ فالشك يكون في المصداق الخارجي بعد العلم بالتكليف ، وهذه الصورة هي المسّماة بالشبهة الموضوعية الوجوبية.
ولا يخفى عليك أنّه ممّا مرّ في الشبهة الموضوعية التحريمية يظهر حكم ذلك أيضا ، فنقول : إنّه بعد ما كان التكليف انحلاليا فكلّ فرد تعلّق به وجوب ، فما كان تعلق الوجوب به متيقّنا يجب إتيانه ، وما كان تعلّق الوجوب به مشكوكا فلا يجب