التنبيه السابع :
لا إشكال في أنّ مثبتات الاصول ومنها الاستصحاب ليس بحجة ، بمعنى أنّ ما يترتب على جريان الأصل ليس إلّا صرف آثاره الشرعية ، وآثاره الشرعية مترتبة على هذه الآثار الشرعية التي تكون للأصل.
وأمّا لوازم مؤدّى الأصل لوازمه العقلية والعادية أو ما يترتب من الآثار الشرعية بواسطة اللوازم العقلية أو العادية أو ملزومات مؤدّى الأصل فلا ، فدليل اعتبار الأصل لا يثبت إلّا كلّ ما يكون له من أثر شرعي ، أو ما يترتب على أثره الشرعي من الآثار الشرعية الاخرى أيضا.
ومعنى عدم كون مثبتات الاصول حجة هو : أنّه ليس للاصول مثبتات ، لا أنّ لها مثبتات وليست بحجة ، نظير ما قلناه في المفهوم بأنّ معنى النزاع في أنّ المفهوم حجة أو لا؟ هو أنّ المفهوم يكون للقضية ، أو لا؟ وإلّا فلو سلّم كون المفهوم للقضية فلا إشكال في حجّيته ، فعلى هذا يكون النزاع في كليهما صغرويا.
واعلم بأنّ الأمارات ليست كذلك ، بل مثبتاتها حجة ، بخلاف الاصول ، ولا بدّ من فهم سرّ الفرق ، وأنّه لم تكون مثبتات الأمارات حجة ولا تكون مثبتات الاصول بحجة؟ وتوضيح ذلك يحتاج الى بيان الفرق بين الأمارات والاصول.
فنقول بعون الله تعالى مقدمة : إنّ العلم اذا حصل بشيء يحصل العلم بلوازمه ، فمثلا لو علمت بوجود النار تعلم بإحراقه ، وحيث إنّ العلم بالشيء كونه موجبا للعلم بلوازمه يكون لأجل العلم بالملازمة بينهما ، فالعلم باللازم يحصل من العلم بالملزوم ، أو بالعكس بعد علم شخص العالم بالملازمة بينهما ، وإلّا لو لم يعلم بالملازمة فلا يحصل له بالعلم بالملزوم العلم باللازم ، أو بالعكس ، كما ترى في بعض الموارد لا يحصل بمجرد العلم باللازم العلم بالملزوم ، مثلا ترى حرارة في بدنك ولكن لا تدري بكونك محموما ، والحال أنّ الحرارة لازم الحمّى وأنت عالم بالحرارة ، والسرّ فيه هو