الثالث من الإشكالات هو : أنّه لا يمكن العمل بخبر الواحد في الأحكام الشرعية ، إذ لا بدّ من الفحص عن المعارض وهذا معنى التبيّن ، فقبل التبيّن من المعارض لا يجوز العمل بخبر الواحد ، فلا بدّ من تنزيل الآية على الأخبار في الموضوعات الخارجية.
وفيه أولا : أنّه تارة يكون الإشكال في شيء من باب عدم المقتضي ، وتارة يكون من باب وجود المانع ، وهما مختلفان ، ونحن في هذا المقام نكون بصدد إثبات المقتضي لخبر العادل ، ومن هذه الآية يظهر أنّ مقتضى الحجية يكون موجودا في خبر العادل ، بخلافه في خبر الفاسق فإنّه لم يكن فيه مقتضى الحجية ، اذا عرفت ذلك فالتبيّن الواجب في خبر الفاسق يكون من أجل الإشكال في مقتضيه ، بمعنى أنّه لم يكن فيه مقتضى الحجية ، وهذا بخلافه في خبر العادل فإنّه لم يجب فيه التبيّن ، لكون المقتضي فيه تاما ، غاية الأمر لا بدّ من عدم وجود المانع ، والفحص عن المعارض يكون لأجل العلم بعدم المانع ، فعلى هذا لا يجب التبيّن في خبر العادل في حين يكون واجبا في خبر الفاسق.
وثانيا : كما قال الشيخ الانصاري رحمهالله : إنّه لا إشكال في أنّ وجوب الفحص عن المعارض غير وجوب التبين في الخبر ، فإنّ الفحص عن المعارض يؤكّد حجية خبر العادل ، ولأنّ فيه يرجع الفحص عن المعارض الى الفحص عمّا أوجب الشارع العمل به ، كما لو أوجب العمل بهذا ، والتبين المنافي للحجية هو التوقف عن العمل رأسا والتماس دليل آخر ، فيكون الدليل الآخر متّبعا ولو كان أصلا من الاصول ، فالفرق فيهما واضح ؛ لأنّ في الأول اذا وجد المعارض يعمل بالأرجح منهما ، ولكن في الثاني اذا وجد الآخر يعمل بالآخر وإن لم يوجد لا يعمل به أصلا ، فافهم.
الرابع من الإشكالات هو : أنّ استفادة حجية خبر العادل من هذه الآية مستلزم لخروج مورد الآية وهو غير ممكن. وبيان الملازمة فيه : أنّ مورد الآية هو