ولكن ليس للعقل كشف حكم الشرع في كل مورد احتمله.
واما إنكاره قده الكبرى فيكون من باب انه يقول ان العقل لا يستقل بدفع كل ضرر محتمل بل ربما يكون تحمله أولى من باب المزاحمة بالأهم فيختلف الدواعي باختلافه.
وفيه ان باب ملاحظة الأهمية يكون بابا آخر غير مربوط بالمقام فانه يجب البحث هنا لو لا المزاحم الأهم فاحتمال الضرر يكون في غير هذه الصورة.
ثم قال بأن هذا كله في صورة عدم ترخيص من الشرع واما معه فلا يكون وجه لاحتماله وقد ورد مثل قوله رفع ما لا يعلمون وكل شيء لك حلال فيكون هذا دليلا على ان الضرر لو كان أيضا يكون متداركا فدفع الضرر الغير المتدارك واجب اما المتدارك كما في المقام فلا يجب دفعه وهذا متين جدا.
فتحصل من جميع ما تقدم عدم الملازمة بين حكم العقل والشرع ومعه أيضا ورد الترخيص منه وهو موافق لقبح العقاب بلا بيان فدفع الضرر المحتمل مطلقا غير واجب وحكم العقل بقبح العقاب بلا بيان في محله مع التأييد بترخيص الشارع.
ثم قد استدل في تقريب حكم العقل بالبراءة بوجه آخر وهو ما عن السيد أبو المكارم بن زهرة في الغنية وحكى الشيخ قده عنه وتعرض له شيخنا العراقي أيضا وحاصل التقرير ان التكليف بما لا طريق إلى العلم به تكليف بما لا يطاق فهو تكليف محال وقال الشيخ المراد به ما لا يطاق الامتثال به بقصد الطاعة وإلّا فنفس الفعل لا يصير مما لا يطاق بمجرد عدم العلم بالتكليف به.
ونحن نقرب كلامه بوجه آخر لا يبقى فرق بين ما يعتبر فيه قصد الإطاعة كالتعبديات وما لا يعتبر فيه ذلك كالتوصليات وهو أن التكليف من قبل الشارع يكون جعله لجعل الداعي في المكلف وتحريكه نحو العمل والتكليف الّذي لم يصل إلى المكلف ولو تفحص لم يجد أيضا لا يكون له شأنية المحركية فهو تكليف محال لا تكليف بالمحال لعدم تخلف التكليف عن داعي جعله وهو التحريك.
ولا نقول يكون المكلف عاجزا عن الامتثال بل الآمر لا يمكنه جعل هذا النحو