حتى يصير سببا للانحلال فالعلم الإجمالي بالتكليف لازمه الاحتياط ليحصل الفراغ اليقينيّ لأنا نقول هذا نشأ من الخلط بين الانحلال الحقيقي والحكمي ولتوضيح ما ذكر نحتاج إلى مقدمة وهي أن لسان الدليل في الأمارات تارة يكون هو تعيين المعلوم بالإجمال فيما وصل إليه وتارة ليس كذلك فعلى الأول يعبر عنه بجعل البدل وهو مؤكد العلم ولا يوجب انحلاله مثاله ما إذا علمنا بأن أحد الكأسين من الأبيض والأسود نجس ولكن لا نعلم انه الأبيض أو الأسود فقام أمارة فتقول النجس المعلوم بالإجمال هو الأبيض مثلا فان هذا اللسان يعين المعلوم بالإجمال في هذا المخصوص ودليل التعبد بالأمارة يحكم بالتعبد بمفادها وجعل هذا بدلا عن الواقع.
والحاصل هذا يكون من التوسعة في الفراغ لا في الجعل نظير قاعدة التجاوز والفراغ فان قوله عليهالسلام تمت صلاته في صورة الشك في إتيان جزء وعدمه والشك في صحة المأتي به بعد التجاوز عنه لا يكون معناه ان الصلاة في حق هذا الشخص يكون أربعة اجزاء مثلا بعد كونها خمسة في حق غيره بل يكون معناه ان الناقص يكون مقبولا منزلة التام مع حب المولى في مقام الجعل بالخمسة ولا فرق في ذلك بين الواجب والحرام فانه يمكن قبول شيء منزلة شيء حرام في البين فالاجتناب عن النجس الّذي قام عليه الأمارة يكون بدلا عن الحرام في البين.
واما إذا كان لسان الأمارة عدم تعيين المعلوم بالإجمال في المعين مثل أن نعلم بنجاسة أحد الكأسين ثم قام أمارة على أن الأبيض مثلا نجس لا ان يقوم على ان النجس في البين هو الأبيض وهذا القسم يأتي البحث فيه عن الانحلال وعدمه ولا يأتي البحث عن الانحلال في القسم الأول.
ثم ان هنا صورا من العلم الإجمالي نذكر واحدة منها وهي أن يكون العلم كذلك مع الأمارة القائمة على أحد الطرفين مقارنا والأقوال في الانحلال على ثلاثة أوجه الأول أن يكون الانحلال حقيقيا مطلقا الثاني ان يكون حكميا مطلقا والثالث ان الدليل الدال على أحد الأطراف لو كان هو العلم الوجداني يكون حقيقيا ولو كان الدليل الأمارة يكون الانحلال حكميا.