فعن الشيخ الأنصاري قده (١) في الرسائل ان الأقوى في بدو النّظر هو عدم تصوير الاحتياط فيها وان رجع عنه في أواسط كلامه وقوى ذلك بقوله وجهان أقواهما العدم لأن مقوم العبادية هو قصد الأمر الجزمي ولا يتصور الأمر الجزمي بالنسبة إلى ما احتمل كونه مكروها أو مباحا ولكن في رسالته العملية قال الاحتياط كذلك يكون من دأب الصلحاء ولا يرد عليه قده ما قيل بأن من احتمل عدم كفاية غسل الجمعة لإتيان ما اشترط الطهارة فيه مثل الصلاة لا يجب عليه إبطاله ثم الوضوء حتى يكون قصده الأمر الوضوئي بالجزم بل يكفي ولو مع عدم الابطال واحتمال الأمر فكما أن احتماله هناك كاف كذلك في كل ما احتمل الأمر فيه.
لأن الكلام يكون في دوران الأمر بين الوجوب والإباحة والكراهة لا في دوران الأمر بين الواجب والمستحب فان الوضوء بعد الغسل اما ان يكون واجبا أو يكون مستحبا من باب أنه نور على نور وقد مر أن الأمر الجزمي يكون في الدوران كذلك وقد صرح قده بذلك في صدر المطلب.
ثم اعترض على الشيخ قده شيخنا الأستاذ النائيني (٢) بوجه يوهم خلاف الأدب وقال بعض مقرريه ان الإشكال في الاحتياط في العبادات سخيف جدا وحاصل اشكاله قده ان الامتثال له مراتب أربعة الامتثال القطعي التفصيلي والامتثال القطعي الإجمالي والظني والاحتمالي والقطعي التفصيلي من الجميع يكون مقدما على جميع المراتب وحيث يمكن الإتيان به لا تصل النوبة إلى الإجمالي والظني والاحتمالي والإجمالي أيضا بعد عدم إمكان التفصيلي مقدم على الأخيرين لحصول العلم بالامتثال في الأولين وعدم حصوله في الثانيين.
وعليه فإذا أمكن التفصيلي لا يجوز الاحتياط بالجمع بين الأطراف أو غير ذلك
__________________
(١) في الرسائل في ص ٢١٥ في تنبيهات المطلب الثاني منه في حكم دوران الأمر بين الوجوب وغير الحرمة.
(٢) في الفوائد ص ٩٢.