يعلم انه جعل ذاك الشيء عدلا له أو لا فقيل في هذه الصورة بالبراءة أيضا مستدلا بأن الالتزام بالخصوصية كلفة زائدة والتكليف الزائد يكون مرفوعا بمقتضى حديث الرفع بقوله عليهالسلام الناس في سعة ما لا يعلمون ضرورة أن الالتزام بخصوص الصوم مثلا كفارة لشيء يكون من التكليف الزائد بخلاف صورة التخيير بينه وبين الإطعام مثلا ولكن قد أشكل على هذا التقريب كما عن شيخنا النائيني قده (١) بأن صفة التعيينية وان كانت كلفة زائدة ولكن مجرد ذلك لا يكفى في جريان البراءة بل يلزم أن يكون التكليف مما يكون امر وضعه ورفعه بيد الشرع وهو يتصور في صورة كون المجعول امرا وجوديا واما في صورة كونه امرا عدميا فلا مجال للقول بأن هذا مرفوع والمقام يكون كذلك لأن الصفة التي تكون هي التعيين ليست امرا وجوديا بل يكون الأمر بالشيء مع وجود فرد آخر مسقطا لهذا التكليف ينتزع منه التخييرية ومع عدم العدل ينتزع منه التعيينية.
ولا يكون امرا وراء أصل التكليف بالشيء فحينئذ حيث لا يكون هذه كلفة من ناحية الشرع لا يمكن إجراء الأصل بالنسبة إليها ولو كان كذلك فكل ما كان الشك في الفراغ ولو من ناحية الامتثال يلزم أن يقال بجريان الأصل بالنسبة إليه وهو كما نرى فحيث أن التكليف معلوم ومع عدم الإتيان بالمعنى يكون الشك في الفراغ لا بد من القول بوجوب التعيين ولا يجري أصالة عدم التعيين.
ولشيخنا العراقي قده بيان آخر في مقام اختيار الاشتغال في الفرض وعدم جريان الأصل وحاصل تقريبه قده هو أن لنا العلم الإجمالي بالتكليف بين المعين وعدله ولا بد من إتيان التكليف بحيث يسدّ جميع أنحاء عدمه فإذا أتى المكلف بالمعين يكون له العلم بالبراءة ويكون فارغا واما إذا أتى بالفرد الآخر لا يكون له العلم بالبراءة لاحتماله عدم امتثال التكليف من جهة دخالة الفرد الخاصّ في المصلحة فلا بد من إتيان المعين بعد العلم الإجمالي بالتكليف.
__________________
(١) في ص ١٥٥ من فوائد الأصول.